وفّقه الله تعالى من حسنِ العقيدة، وطهارة الأخلاق، وسخاء النفس، والإحسان إلى الفقراء، والتواضع لهم، ثم يدعو لهم.
[ص] سمعت أبا محمد الثقفي يقول: لمّا ورد أبو عبد الله بن أبي ذهل نيسابور كان يُديم الاختلاف إلى جدِّي، فقال لنا جدِّي رحمه الله: هذا الفتى يجمع إلى زينةِ العلم التمكُّن في العقل، وعلوَّ الهمَّةِ والسياسة، وسيكون له بعدنا شأنٌ. هذا أو نحوه.
[غ ص] سمعت الشيخ الإمام أبا بكر أحمد بن إسحاق غير مرّة - إذا ذكر الرئاسة - يقول: بخراسان رئيسان ونصف: أبو بكر بن أبي الحسن بنيسابور (١)، وأبو عبد الله بن أبي ذهل بهراة، ويشير بالنصف إلى أبي الفضل بن أبي النضر.
[ص ش] وإنَّ أبا جعفر العتبي وزير السلطان ألزم أبا عبد الله عن أمر السلطان أن يتقلَّد ديوان الرسائل، فامتنع، فقال له: هذا قضاءُ القضاة بكور خراسان، ولا يخرج عن حدَّ العلم؛ ولو عرفت اليوم في مشايخ خراسان من يدانيك في شمائلك لأعفيتك. فبكى أبو عبد الله وقال له: إنّ أعفاني السلطان عن هذا العمل فبفضله عليَّ وعلى أصحابي بهراة، وإن أكرهني عليه لبست مُرَقَّعة، وخرجت على وجهي حتى لا يعلم بمكاني أحد. فأُعْفِي.
[ش] سمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول: سمعت أبا بكر الشبلي - وسُئِل عن الرجل يسمع الشيء ولا يفهم معناه فيتواجد عليه، لِمَ هذا؟ - فأنشأ الشبلي يقول:
رب ورقاء هتوف بالضحى … ذات شجو صدحت في فننِ
ذكرت ألفًا ودهرًا سالفًا … فبكت حزنًا فهاجت حزني
فبكائي ربما أرّقها … وبكاها ربما أرّقني
ولقد تشكو فما أفهمها … ولقد أشكو فما تفهمني
غير أني بالجوى أعرفها … وهي أيضًا بالجوى تعرفني
[ب] وكانت ولادة أبي عبد الله سنة أربع وتسعين ومائتين.
[غ ب ص] [س] واستشهد بنيسابور برساتيق خواف في قرية سلويل لتسع (٢) بقين من صفر سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
(١) هكذا في تاريخ بغداد، وفي طبقات ابن الصلاح: بنَسَا.
(٢) في تاريخ بغداد: لسبع بقين.