ومن ذلك إنكار أبي حاتم على عمارة بن عقيل جمعه الريح على أرياح. قال: فقلت "له فيه"١: إنما هي أرواح. فقال: قد قال -عز وجل:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} ٢ وإنما الأرواح جمع روح. فعلمت بذلك أنه "ممن لا"٣ يجب أن يؤخذ عنه.
وقال أبو حاتم: كان الأصمعي ينكر زوجة؛ ويقول: إنما هي زوج. ويحتج بقول الله -تعالى:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} ٤ قال: فأنشدته قول ذي الرمة:
أذو زوجة في المصر أم ذو خصومة ... أراك لها بالبصرة العام ثاويا٥
فقال: ذو الرمة طالما أكل المالح والبقل في حوانيت البقالين. قال: وقد قرأنا عليه "من قبل"٦ لأفصح الناس فلم ينكره:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والطامعون إلي ثم تصدعوا٧
وقال آخر٨:
من منزلي قد أخرجتني زوجتي ... تهر في وجهي هرير الكلبة٩
١ سقط ما بين القوسين في ش. ٢ آية ٢٢ سورة الحجر. ٣ في د، هـ: "ليس". ٤ آية ٣٧ سورة الأحزاب. ٥ من قصيدة له في مدح بلال بن أبي بردة، وهذا قول العجوز المذكورة في قوله قيل: تقول عجوز مدرجي متروحا ... على بابها من عند أهلي وغاديا يقول: إنه ترك البادية وأقام بالبصرة، وهي ما عناه بالمصر، فكان يمر في طريقه على عجوز، فقالت له وقد علمت أنه ليس من البصرة: هل لك زوجة أو أنت ذو خصومة فلك قضية عند الحاكم؟ وانظر الديوان والكامل بشرح المرصفي ٤/ ١٨٣. ٦ سقط ما بين القوسين في ش. ٧ من قصيدة مفضلية لعبدة بن الطبيب، وقبله: ولقد علمت بأن قصري حفرة ... عبراء يحملني إليها شرجع قصري أي آخر أمري، والحفرة القبر، والشرجع: الدعش، والشجو: الحزن، يقول: إن خاصته وأحياءه يبكون عليه مدة إذا مات، ثم يتفرقون لشأنهم وينسونه، وانظر شرح المفضليات لابن الأنباري ٣٠١. ٨ في د، هـ، ط: "الآخر". ٩ في مجالس ابن خنزابة بعد هذا البيت: "وإنما لج الأصمعي لأنه كان مولعا بأجود اللغات، ويرد ما ليس بالقوي، وذلك الوجه أجود الوجهين".