فقال: هذا جرمقاني١ من أهل الموصل، ولا آخذ بلغته. فسألت عنها أبا زيد الأنصاري، فأجازها. فنحن كذلك إذ وقف علينا أعرابي محرم، فأخذنا نسأله. فقال "أبو زيد"٢: لستم تحسنون أن تسألوه، ثم قال له٣: كيف تقول: إنك لتبرق لي وترعد؟. فقال له الأعرابي: أفي الجخيف تعني؟ أي التهدد. فقال: نعم. فقال الأعرابي: إنك لتبرق لي وترعد. فعدت إلى الأصمعي، فأخبرته فأنشدني:
إذا جاوزت من ذات عرق ثنيةً ... فقل لأبي قابوس: ما شئت فارعد
ثم قال لي: هكذا٤ كلام العرب.
وقال أبوحاتم أيضًا: قرأت على الأصمعي رجز العجاج، حتى وصلت٥ إلى قوله:
جأبًا ترى بليته مسحجا٦
فقال: ... تليله، فقلت: بليته. فقال: تليله مسحجا، فقلت له٧: أخبرني به من سمعه من فلق في رؤبة، أعني أبا زيد الأنصاري، فقال: هذا لا يكون "فقلت: جعل "مسحجا" مصدرًا أي تسحيجًا. فقال: هذا لا يكون"٨. فقلت: قال جرير:
ألم تعلم مسرحي القوافي٩
أي تسريحي. فكأنه توقف. فقلت: قد قال الله -تعالى:{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} ١٠، فأمسك.
١ هو واحد الجرامقة، وهم قوم بالموصل أصلهم من العجم. ٢ زيادة في ط. ٣ زيادة في د، هـ. ٤ في د، هـ، ط: "هذا". ٥ في د، هـ: "إذا وصلت". ٦ انظر ص٣٦٧ من الجزء الأول. ٧ سقط في ش. ٨ سقط ما بين القوسين في ش. ٩ انظر ٣٦٨ من الجزء الأول. ١٠ آية ١٩ سورة سبأ.