وهذه الآية مكية، نزلت في وقت قلة عدد المؤمنين وضعفهم، وإقدام النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الخبر العظيم عن جميع الإنس والجن إلى يوم القيامة أنهم لا يقدرون على الإتيان بمثل القرآن، بل يعجزون عنه، لا يقدم عليه وهو يدعو الناس لتصديقه إلا وهو واثق أن الأمر كذلك، ولا يقدم عاقل على مثل هذا الخبر وهو يشك فيه، في مثل ظرف النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت، ولم يكن هذا اليقين حاصلا للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا بإعلام الله سبحانه له «٢» .
وقد تحدى الله الكفار أن يأتوا بمثله إن ظنوا أنه من قول محمد صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤)[الطور: ٣٤] .
ثم تحداهم الله أن يأتوا بسورة من مثله فلم يقدروا، وأخبرهم أنهم لن يفعلوا، قال سبحانه: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
(١) إعجاز القرآن ١٥٧- ١٦٠. (٢) انظر شعب الإيمان للبيهقي ١/ ٥٥ والجواب الصحيح لابن تيمية ٥/ ٤٠٩.