((أكثروا ذكر هاذِم اللذات، فما ذكره عبد قط وهو في ضيقٍ إلا وسَّعه عليه، ولا ذكره وهو سعةٍ إلا ضيقه عليه)) (١)،وفي لفظ لابن حبان أيضاً: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول:((أكثروا من ذكر هاذِم اللذات)) (٢)،فالموت يقطع اللذات ويزيلها، والحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يغفل عن ذكر أعظم المواعظ وهو الموت، قال الإمام الصنعاني:((وقد ذكر في آخر الحديث فائدة الذكر بقوله: ((فإنكم لا تذكرونه في كثير إلا قلَّلهُ، وقليل إلا كثَّره)) (٣).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل من الأنصار فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال:((أحسنهم خُلُقاً)) قال: فأي المؤمنين أكيس (٤)؟ قال:((أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم لما بعده استعداداً، أولئك الأكياس)) (٥).
(١) صحيح ابن حبان، برقم ٢٩٩٣، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، ٣/ ١٤٥. (٢) صحيح ابن حبان، برقم ٢٩٩٥ وحسنه شعيب الأرنؤوط. (٣) سبل السلام للصنعاني، ٣/ ٣٠٢، وهذا الخبر أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: ((أكثروا ذكر هاذم اللذات - يعني الموت - فإنه ما كان في كثير إلا قلله، ولا قليل إلا جزأه)) [مجمع البحرين، ٨/ ٢٠٦، برقم ٥٠٧٦]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ١٠/ ٣٠٩: ((إسناده حسن))، وذكر الصنعاني هنا آثاراً منها: ((أكثروا ذكر الموت فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيا الله قلبه وهوَّن عليه الموت)) [ذكره الديلمي في مسند الفردوس، ١/ ٧٤، برقم ٢١٨]. (٤) أكيس: أعقل. ومثله: الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت: أي العاقل. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ٤/ ٢١٧. (٥) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، برقم ٤٢٥٩، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٣٨٤. (٦) سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.