وحديث ابن عباس عند مسلم (١) في قصة مبيته عند خالته ميمونة، وفيه:«فصلى إحدى عشرة ركعة. ثم احتبى، حتى إني لأسمع نفسه راقداً … إلخ».
* الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
(احتبى)، الاحتباء: أن يجلس على مقعدته، وينصب ساقيه، ويضمها إلى بطنه وفخذيه بثوب أو بيديه، وهي جلسة تريح البدن، وتغنيه عن الاتكاء والاستناد إلى جدار أو نحوه، وكانوا قديماً يقولون: الاحتباء حيطان العرب، أي كالحيطان لهم في الاستناد، فإذا أراد أحدهم الاستناد احتبى، لأنّه لا حيطان في البراري، فيكون الاحتباء بمنزلة الحيطان لهم.
* الوجه الرابع: الاحتباء هو إحدى هيئات جلسته -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجلس على هيئات مختلفة (٢)، فتارة كان يجلس محتبياً كما في الأحاديث المتقدمة.
وتارة يجلس متربعاً، كما في حديث جابر بن سمرة، قال:«كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر تربع في مجلسه، حتى تطلع الشمس حسناء». (٣)
وتارة يجلس متكئاً، كما في حديث أبي بكرة: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متكئاً فجلس، فقال:«ألا وقول الزور … الحديث»(٤).
(١) «صحيح مسلم» (٧٦٣) (١٨٥). (٢) وهذا في غير الصلاة، أما الصلاة فلها جلسات مخصوصة. (٣) «سنن أبي داود» (٤٨٥٠)، وقال النووي في «رياض الصالحين» ص ٢٦٦: رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة. (٤) «صحيح البخاري» (٦٢٧٤)، «صحيح مسلم» (١٤٣).