واختلاف بين الصّحابة في موته، فأنكر كثير منهم موته؛ حتّى قال عمر بن الخطاب:«والله ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم»(١)؟! فما تحقّقوا وفاته إلّا في آخر النّهار، حين جاء الصّدّيق رضي الله تعالى عنه وأعلمهم بذلك.
* الوجه الثامن: كان ابتداء مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- من وَجَعٍ وجده في رأسه الشريف، وقد استمر به هذا الوجع نحواً من ثلاثة عشر يوماً، إلى أن توفاه الله عز وجل. ومما يدل على هذا: ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت:«دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في اليوم الذي بُدئ فيه، فقلت: وارأساه، قال: بل أنا وارأساه .. »(٢).
* الوجه التاسع: كان من أسباب ذلك المرض: أثرُ الشاة المسمومة، التي قدمتها له المرأة اليهودية في غزوة خيبر، فإن ذلك السمّ لم يقتله حينها، لكنه بقي أثره حتى كان من أسباب وفاته بعد ذلك -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح البخاري مرفوعاً:«يا عائشة ما أزال أجدُ ألم الطعام الذي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان وجدتُ انقطاع أبهَري من ذلك السمّ»(٣).
وبهذا يكون الله عز وجل قد جمع لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بين درجة النبوة ودرجة الشهادة وأكرمه بذلك.
(١) ينظر «صحيح البخاري» (٣٦٦٧). (٢) «مسند أحمد» (٢٥١١٣)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (٣) «صحيح البخاري» (٤٤٢٨).