الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (١) ولفظه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفع مائدته قال:«الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه، غير مكفي ولا مودعَّ ولا مستغنى عنه، ربنا»، بزيادة «غير مكفي». وفي أحد ألفاظ البخاري:«الحمد لله الذي كفانا وأروانا، غير مكفي ولا مكفور»(٢).
* الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
(غير مودَّع): بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة، أي: أن ذلك الحمد غير متروك، بل يجب الاشتغال به على الدوام، حتى لا تنقطع النعم.
(ولا مستغنى عنه): أي لا يستغني عن الحمد أحد.
(غير مكفي): أي أن هذا الحمد لا يُكتفى به، بل يجب المزيد منه، وقيل غير ذلك.
(ولا مكفور): أي لا يجحد فضله ولا تنكر نعمته.
* الوجه الرابع: دل الحديث على فضل هذا الذكر، وأن من السنة الإتيان به بعد الفراغ من الطعام تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
والطعام من أجلّ النعم التي بها قوام الحياة. فإذا اقترن بذكر الله في أوّله، وشكره في آخره، أدى إلى دوام النعم واستمرارها، كما قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧].
وفي الصحيح من رواية أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله
(١) «صحيح البخاري» (٥٤٥٨). (٢) المصدر السابق (٥٤٥٩).