وَمَثَلُ الْفِطْرَةِ مَعَ الْحَقِّ: مَثَلُ ضَوْءِ الْعَيْنِ مَعَ الشَّمْسِ، وَكُلُّ ذِي عَيْنٍ لَو تُرِكَ بِغَيْرِ حِجَابٍ لَرَأَى الشَّمْسَ.
وَالِاعْتِقَادَاتُ الْبَاطِلَة الْعَارِضَة مِن تَهَوّدٍ وَتَنَصّرٍ وَتَمَجّس: مَثَلُ حِجَابٍ يَحُولُ بَيْنَ الْبَصَرِ وَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ.
وَلَا يَلْزَمُ مِن كَوْنِهِمْ مَوْلُودِينَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونُوا حِينَ الْوِلَادَةِ مُعْتَقِدِينَ لِلْإِسْلَامِ بِالْفِعْلِ (١)؛ فَإِنَّ اللهَ أَخْرَجَنَا مِن بُطُونِ أمَّهَاتِنَا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا، وَلَكِنْ سَلَامَةُ الْقَلْبِ وَقَبُولُهُ وَإِرَادَتُهُ لِلْحَقِّ ائَذِي هُوَ الْإِسْلَامُ، بِحَيْثُ لَو تُرِكَ مِن غَيْرِ مُغَيِّرٍ لَمَا كَانَ إلَّا مُسْلِمًا.
وَهَذِهِ الْقُوَّةُ الْعِلْمِيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ الَّتِي تَقْتَضِي بِذَاتِهَا الْإِسْلَامَ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا مَانِعٌ: هِيَ فِطْرَةُ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
[٤/ ٢٤٥ - ٢٤٧]
٣٩٠ - الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ فِيمَن لَمْ يُكَلَّفْ فِي الدُّنْيَا مِن أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَنَحْوِهِمْ: مَا صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ، وَهُوَ أَنَّ اللَّه أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ فَلَا نَحْكُمُ لِكُلِّ مِنْهُم بِالْجَنَّةِ وَلَا لِكُلِّ مِنْهُم بِالنَّارِ؛ بَل هُم يَنْقَسِمُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنَ الْعِلْمِ إذَا كُلِّفُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْعَرَصَاتِ كَمَا جَاءَت بِذَلِكَ الْآثَارُ. [١٨/ ١٤٢]
٣٩١ - الصِّغَارُ يَتَفَاضَلُونَ بِتَفَاضُلِ آبَائِهِمْ، وَتُفَاضِلُ أَعْمَالِهِمْ -إذَا كَانَت لَهُم أَعْمَالٌ-؛ فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْسَ هُوَ كَغَيْرِهِ، وَالْأَطْفَالُ الصِّغَارُ يُثَابُونَ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ مِن الْحَسَنَاتِ، وَإِن كَانَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُم فِي السَّيِّئَاتِ؛ كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ": أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَفَعَت إلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ. وَلَك أَجْرٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (٢).
فَالصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ وَحَجِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن أَعْمَالِهِ، وَيُفَضَّلُ بِذَلِكَ عَلَى مَن لَمْ يَعْمَلْ كَعَمَلِهِ.
(١) تنبيه لطيفٌ جدًّا.(٢) (١٣٣٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute