قال الطبري في تفسير هذه الآية:( {مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} : يعني بذلك جل ثناؤه: زكوا من طيب ما كسبتم بتصرفكم، إما بتجارة وإما بصناعة.
{وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} : يعني بذلك جل ثناؤه: أنفقوا أيضا مما أخرجنا لكم من الأرض فتصدقوا وزكوا من النخل والكرم والحنطة والشعير وما أوجبت فيه الصدقة من نبات الأرض (١) .
{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} : الخبيث الرديء غير الجيد يقول: لا تعمدوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم فتصدقوا منه، ولكن تصدقوا من الطيب الجيد) (٢) .
فالمراد بـ {أَنْفِقُوا} زكوا وتصدقوا يقول الجصاص في تفسير قوله تعالى: {أَنْفِقُوا} : ولم يختلف السلف والخلف في أنه المراد به (الصدقة)(٣) .
وأنفقوا: أمر، والأمر للوجوب ما لم يوجد ما يصرفه عنه.
وأما السنة: فما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) . رواه الجماعة إلا مسلما، لكن لفظ النسائي وأبي داود وابن ماجه ((بعلًا)) بدل ((عثريا)) (٤) .
وما روي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سقي بالسانية نصف العشور)) . رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود وقال:((الأنهار والعيون)) (٥) .
(١) ويقول الجصاص: (عموم في إيجابه الحق في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره في سائر الأصناف الخارجة منها) ، أحكام القرآن ص ٥٤٤ (٢) تفسير الطبري: ٥ / ٥٥٥ - ٥٥٧. (٣) أحكام القرآن: ١ / ٥٤٣ (٤) منتقى الأخبار مع نيل الأوطار: ٤/ ١٤٩. (٥) منتقى الأخبار مع نيل الأوطار: ٤/ ١٤٩.