فصل في الاستبدال
أطلق الفقهاء كلمة الاستبدال وأرادوا بها:
أ- بيع الموقوف عقاراً كان أو منقولاً بالنقد.
ب- وشراء عين بمال البدل لتكون موقوفة مكان العين التي بيعت.
ج - والمقايضة على عين الوقف بعين أخرى.
ثم أطلق الاستبدال فيما بعد على: شراء عين بمال البدل لتكون وقفاً بدلها.
وأطلق كلمة الإبدال على: بيع الموقوف بالنقد.
وأطلق التبادل أو البدل على المقايضة.
هذا: والاستبدال بهذا المعنى لا يشمل شراء مستغل بفاضل الريع ولا بمال البدل، ولا شراء عين الريع لتكون وقفاً طبق شرط الوقف.
وهنالك صور ثلاثة للاستبدال، قال ابن عابدين: "الاستبدال على ثلاثة وجوه:
الأول: أن يشترط الواقف لنفسه أو لغيره، أو لنفسه وغيره.
الثاني: ألا يشرطه، سواء شرط عدمه أو سكت لكن صار بحيث لا تنفع به بالكلية بأن لا يحصل منه شيئاً أصلاً، أو لا يفي بمؤنته.
الثالث: أن لا يشرط أيضاً ولكن فيه نفع بالجملة، وبدله خير منه ريعاً ونفعاً" (١) .
والذي يهمنا من هذه الصور هو الصورة الثانية والثالثة.
الصورة الثانية: وهي أن يسكت الواقف عن اشتراط الاستبدال، بأن يسكت عن ذكره، لكن صار الوقف بحيث لا ينتفع به بالكلية، أولا يفي بمؤنته.
قال ابن عابدين في حكم هذه الصورة: "الاستبدال جائز على الأصح إذا كان بإذن القاضي ورأيه لمصلحة فيه ". (٢)
وقال قاضيخان في فتاويه: أما بدون الشرط، فقد أشار في السير أنه لا يملك في الاستبدال إلا القاضي إذا رأى المصلحة في ذلك.
وفي قوله: إذا صار الوقف بحيث لا ينتفع به المساكين، فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره، وليس ذلك إلا للقاضي. (٣)
ولكن جاء في الخلاصة: خلاف ذلك نقلا عن فتاوى النسفي قال: "بيع عقار المسجد لمصلحة المسجد لا يجوز وإن كان بأمر القاضي، وإن كان خرابا! ".
وجاء في وجه هذا القول: لأن سبيل الوقف أن يكون مؤبدا لا يباع، وإنما ثبت ولاية الاستبدال بالشرط، وبدون الشرط لا تثبت.
الصورة الثالثة: أن يسكت الواقف عن اشتراط الاستبدال، والوقف عامر إلا أن بدله أفضل منه.
(١) ابن عابدين: ٣ / ٥٣٥.
(٢) الحاشية: ٣ / ٣٥٣.
(٣) أنفع الوسائل، ص ١١٣.