نقول أن هذه القرائن لا تخلو عن إحدى حالتين، فهي إما أن تفيد العلم والاطمئنان للقاضي- كما هو الغالب الراجح - وإما لا تفيد إلا الظن.
أ - القرائن القضائية المفيدة للعلم:
هذه القرائن حجة في الإثبات، لحجية علم القاضي في القضاء.
أدلة حجية علم القاضي:
يقول صاحب الجواهر:
يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه في حقوق الناس وفي حقوق الله تعالى على أصح القولين (١) .
ويقول الشيخ الأنصاري - بعد القول بجواز قضاء الإمام بعلمه-: وأما غير الإمام فالأقوى أنه كذلك يقضي بعلمه مطلقا في حقوق الله تعالى وحقوق الناس (٢) .
واستدل على ذلك. بـ:
١- الإجماع (٣) .
٢- الآيات الدالة على وجوب الحكم بالعدل، مثل قوله تعالى:{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨] ، والحديث المروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: القضاة أربعة، ثلاثة في النار وواحد في الجنة ... إلى قوله: ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة (٤) ، حيث إن المستفاد من الآيات والروايات (أن موضوع جواز القضاء هو العدل والحق والقسط) ، فالعلم بذلك يكون علما بموضوع الحكم ومؤديا إلى العلم بالحكم، أي العلم بجواز القضاء (٥) .
٣- إن العلم أقوى من الشاهدين اللذين لا يفيد قولهما عند الحاكم إلا مجرد الظن إن كان، فيكون القضاء به ثابتا بطريق أولى (٦) .
٤- بعدما ثبتت أحكام مختلفة للموضوعات الواقعية بالخطابات التفصيلية، وقد خوطب بها الحكام على ما هو المفروض كقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] ، وقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] ، إلى غير ذلك، وفرض علمهم بتحقق تلك الموضوعات على ما هو المفروض فيجب عليهم ترتيب آثار تلك الموضوعات، وإلا لم تكن الآثار آثارا لتلك الموضوعات
(١) الجواهر: (٤٠/٨٨) . (٢) القضاء والشهادات، ص٩٤. (٣) الجواهر: (٤٠/٨٨) . (٤) الوسائل: (١٨/١١) . (٥) السيد كاظم الحائري، القضاء في الفقه الإسلامي، ص٢٠١. (٦) المسالك: (١٣/٣٨٥) .