٥- لقد ثبتت مشروعية عقد السلم بالكتاب والسنة والإجماع.
أ- فأما الكتاب:
ففي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة:٢٨٢] . قال ابن عباس:"أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه"، ثم قرأ هذه الآية (١) .
ووجه الدلالة في الآية: أنها أباحت الدين، والسلم نوع منه. قال القاضي ابن العربي:(الدين هو عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا، والآخر في الذمة نسيئة، فإن العين عند العرب ما كان حاضرا، والدين ما كان غائبا)(٢) . فدلت الآية على حل المداينات بعمومها، وشملت السلم باعتباره من أفرادها، إذ المسلم فيه ثابت في ذمة المسلم إليه إلى أجله.
ب_ وأما السنة:
* فما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة والناس يسلفون في التمر السنتين والثلاث، فقال عليه الصلاة والسلام:((من أسلف في شيء فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) (٣) .فدل الحديث على إباحة السلم وبين الشروط المعتبرة فيه.
* وروى البخاري عن محمد بن أبي المجالد قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الرحمن بن أبي أوفى، فسألتها عن السلف؟ فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأتينا أنباط من الشام، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب، فقلت: أكان لهم زرع أم لم يكن لهم زرع؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك. (٤) .
ج- وأما الإجماع:
فقال ابن المنذر: أجمع كل ما نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز (٥) .
(١) أخرجه الحاكم والبيهقي والطبراني وعبد الرزاق وابن أبي شيبة. (ابن حجر العسقلاني، الدراية في تخريج أحاديث الهداية، ٢/١٥٩ مط. الفجالة الجديدة بمصر سنة ١٣٨٤هـ) (٢) ابن العربي، أحكام القرآن، ١/٢٤٧ ط. عيسى البابي الحلبي بمصر سنة ١٣٧٦هـ (٣) ابن حجر العسقلاني، الدراية، ٢/١٥٩ مرجع سابق (٤) البخاري، صحيح البخاري، ٣/١١١ ط. كتاب الشعب (بدون) (٥) ابن قدامة، المغني، ٤/ ٣٠٤ ط. مكتبة الرياض الحديثة سنة ١٤٠١ هـ