للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- الاقتصاديون الإسلاميون وسياسة الربط القياسي

فرضت سياسة الربط القياسي نفسها على بساط البحث أمام الاقتصاديين الإسلاميين منذ زمن ليس بالقصير، وقدمت فيها العديد من الدراسات، وعقدت لها بعض الندوات، وبمراجعة متأنية لما أتيح لي مما كتب –وهو ليس بالقليل- تبين لي أن هذه الدراسات في مجملها وسواء كانت في شكل بحث أو في شكل تعليق على بحث ذات مستوى عال من الجودة، على أن ذلك لا ينفي وجود بعض الملاحظات، وأرى أن استرجاع ما قيل هنا غير مفيد، ولكن المهم والمفيد هو إبداء هذه الملاحظات بالتركيز على ما يكون منها ذا أهمية في تنمية وإثراء المعرفة في هذا الموضوع، لاسيما وأن تلك الجهود السابقة مع عظم أهميتها إلا أنها لم تتمكن من حسم الموضوع حسماً تاماً وبالذات من الناحية الشرعية، ومن ثم فالمجال مازال متسعاً والباب مازال مفتوحاً أمام المزيد من البحوث في جوانب معينة في هذه القضية، حتى يمكن للجهات الشرعية المعنية أن تصدر ما تراه من أحكام حيالها.

وفيما يلي إشارة سريعة لما خرجت به من ملاحظات حول عدد لا يستهان به من الكتابات التي قدمت.

٥- ١- لعل من أهم تلك الملاحظات أن معظم هذه الدراسات قد انطلق من الناحية الشرعية، من منطلق أنه كان لفقهائنا القدامى جهود مفصلة حيال هذا الموضوع، في حين أن هناك دراستين ذهبتا إلى أنه لم يكن لفقهائنا القدامى جهود في هذا الشأن (١) وإنما انصرف كل جهدهم للعلاج البعدي وليس للترتيب القبلي.

والواقع –كما سنوضح ذلك في فقرة قادمة- أن كلا المنطلقين غير صحيح.

كذلك نلاحظ أن غالبية تلك الدراسات قد انطلقت من منطلق أن موقف الفقهاء القدامى من هذه العملية هو الرفض دونما إشارة من جانب الرافضين لفكرة الربط إلى ما هنالك من تعدد في أقوال ومواقف الفقهاء، ودونما التفات من جانب المؤيدين منهم إلى أن هناك أقوالاً فقهية تساندهم.


(١) دراسة د. رفيق المصري: تدهور النقود والربط القياسي للقروض غير الربوية؛ دراسة د. شوقي دنيا: تقلبات القوة الشرائية للنقود، مجلة المسلم المعاصر، العدد ٤١ لسنة ١٩٨٤م

<<  <  ج: ص:  >  >>