وإذا قبلنا الحقيقة الماضية كان علينا أن نؤمن بالكل الثقافي المترابط، وأن نعتبر أي انفصال بين الأجزاء عملية مؤقتة، وأي قول بالفصل الدائم بين المساحات مجازفة يكذبها الوجدان والنصوص الشريفة، كما أن هذا الإيمان والقبول يفتح أمامنا بابًا تربويًّا وإعلاميًّا واسعًا، ننفذ من خلاله إلى المقصود أولًا، ونكتشف أيضًا ـ عبره ـ التآمر الإعلامي على الوجود الثقافي ثانيًا.
وإننا إذ تأملنا واقعنا الوجداني رأينا حقيقتين مهمتين:
الأولى: هي هذا الترابط المحكم بين أبعاد الكل الثقافي الإنساني بما يمكن أن يرجع كل الإنسان إلى المحور الواحد المسيطر وهو النفس الإنسانية، فهي التي تتثقف في الواقع، وإن كانت المسارب أو المظاهر متفاوتة.
الثانية: أنه ونتيجة لهذا الترابط وهذه الوحدة الوجدانية فإن أي تنافر بين جزئين منها يعد أمرًا طارئًا على التركيبة الطبيعية الإنسانية سرعان ما تتغلب عليه لتحقيق الانسجام الكامل. ومن هنا نستطيع أن نفسر الكثير من النصوص القرآنية من قبيل: قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} (١) .