رابعًا ـ التصرف الواسع للعبيد والتحرير السريع لهم:
وفي قبال هذا الباب فتح الإسلام الأبواب على مصراعيها للتحرير.
التحرير المستحب:
وقد جعل الإسلام هذا من أعظم المستحبات، فتحرير رقبة يعني رفعًا للعقبة في طريق الجنة، وما أكثر الروايات الواردة في هذا السبيل، ونحن نذكر بعضها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أعتق مسلمًا أعتق الله العزيز الجبار بكل عضو منه عضوًا من النار)) (١) .
وفي الخبر الصحيح الذي رواه الشيخ عن الإمام الصادق (ع) أنه قال في الرجل يعتق المملوك:
"يعتق الله ـ عز وجل ـ بكل عضو منه عضوًا من النار". (٢) .
وفي خبر آخر عن الصادق (ع) :
"ولقد أعتق علي (ع) ألف مملوك لوجه الله ـ عز وجل ـ دبرت فيهم يداه". (٣)
والأخبار كثيرة في شراء العبيد وإعتاقهم.
وقد جعلت بعض الروايات لتأكد استحباب العتق أوقاتًا خاصة.
ففي الخبر الصحيح عن الصادق (ع) : (يستحب للرجل أن يتقرب إلى الله عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة) . (٤)
كما يستحب عتق العبد إن خدم سبع سنين، ويستحب إعطاؤه ما يكتسب به. (٥)
التحرير الواجب:
فلم يكتف الإسلام بالدعوة إلى تحرير العبيد، وخصوصًا الذين اعتنقوا المبدأ الإسلامي، وأصبحوا من المؤمنين.
فقد روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:
((من أعتق رقبة مؤمنة كان له بكل عضو فكاك عضو منه من النار)) . (٦)
لم يكتف الإسلام بذلك، وإنما أدخل ذلك في صميم النظام، كواجب يترتب على الإنسان أن يقوم به في ظروف خاصة، وهذه بعض المنافذ التي فتحها الإسلام للتحرير، وهي:
١ ـ عتق الكفارة: فقد ورد لزوم تحرير العبد في الموارد التالية: الظهار والإيلاء (أي الحلف على عدم وطء الزوجة الدائمة أبدًا، أو أكثر من أربعة أشهر) ، والإفطار، وخلف النذر، والعهد، واليمين، والجزع المحرم في المصاب، والقتل.
٢ ـ عتق المرضى: لحالات الإقعاد، العمى، والجذام، قال الصادق (ع) : "إذا عمي المملوك فقد عتق". (٧)
٣ ـ عتق الاستيلاد: فإن أم الولد تتحرر بموت المولى ولا يجوز له بيعها.
٤ ـ عتق السراية: فلو عتق بعضه سرى العتق إلى الكل.
٥ ـ إسلام المملوك في دار الحرب قبل مولاه.
٦ ـ عتق التنكيل.
٧ ـ العتق لتملك الذكر أحد العمودين أو المحارم من النساء.
٨ ـ العتق لتملك الأنثى أحد العمودين.
٩ ـ تبعية أشرف الأبوين.
١٠ ـ عتق التدبير: وهو تعليق عتق بعض عبده أو كله بوفاته.
١١ ـ عتق المكاتبة: المشروط والمطلقة.
١٢ ـ وهناك قوانين أخرى لشراء العبيد وإعتاقهم. فالزكاة يشترى بها الأرقاء وهو قوله عز وجل: {وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: ١٧٧] وغير ذلك.
(١) وسائل الشيعة: ١٦ /٣
(٢) ن. م: ص ٣
(٣) ن. م: ص ٣
(٤) ن. م: ص ٥
(٥) ن. م: ص ٣٦
(٦) ن. م: ص ٤
(٧) الكافي: ٦/ ١٨٩