للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى، وَالْمَاشِي إِذَا مَشَى (١)، وتَلْبِيَة، وَجُدَّدَتْ لِتَغَيُّرِ حَالٍ (٢)، وَخَلْفَ صَلَاةٍ. وَهَلْ لِمَكَّةَ أو لِلطَّوَافِ خِلَافٌ، وَإنْ تُرِكَتْ أوَّلَهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ، وَتَوسُّطٌ فِي عُلُوَّ صَوْتِهِ وَفِيهَا.

(١) وقوله: فيحرم الراكب إذا استوى، والماشي إذا مشى، هو لتبيين الوقت الذي يحرم فيه، ندبًا بعد فعل ما تقدم. فقال: يحرم الراكب إذا استوى على ظهر دابته، ولا يتوقف ذلك على سيرها. ويحرم الماشي إذا استوى ماشيًا، ولا ينتظر الخروج إلى البيداء، وقد روي عن الإِمام أحمد: أن الإِحرام عقيب الصلاة، وإذا استوت به راحلته، وإذا بدأ بالسير؛ كل ذلك سواء لأن الجميع قد روي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من طرق صحيحة. قال الأثرم: سألت أبا عبد الله: أيُّما أحب إليك؟. الإِحرام في دبر الصلاة، أو إذا استوت به راحلته؟. فقال: كل ذلك قد جاء: في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به راحلته. فوسَّع في ذلك كله. قال ابن عباس: ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - راحلته حتى إذا استوت على البيداء أهلَّ هو وأصحابه. وقال أنس: لما ركب راحلته واستوت به أهلَّ. وقال ابن عمر: أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين استوت به راحلته قائمة. رواهن البخاري. والْأوْلى الإحرام عقيب الصلاة لما روى سعيد بن جبير قال: ذكرت لابن عباس إهلالَ رسول اللهُ - صلى الله عليه وسلم - فقال: أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحرام حين فرغ من صلاته، ثم خرج، فلما ركب رسول اللهُ - صلى الله عليه وسلم - راحلته واستوت به قائمة أهلَّ، فأدرك ذلك منه قوم. فقالوا: أهل حين استوت به الراحلة؛ وذلك أنهم لم يدركوا إلا ذلك، ثم سار حتى علا البيداء، فأهَلَّ، فأدرك ذلك قوم فقالوا: أهل حين علا البيداء. رواه أبو داود، والأثرم واللفظ للأثرم. ا. هـ. من مغني ابن قدامة.

قلت: وهذا بيان وجيه جدًّا يمكن به الجمع بين الروايات المختلفة في ظاهرها فيتعين حمل الأمر عليه. وهو على سبيل الاستحباب، وكيف ما أحرم جاز، لا نعلم أحدًا يخالف في ذلك.

(٢) وقوله: وتلبية، وجددت لتغيير حال وخلف صلاة، أي واتصال تلبية بالإحرام، ويستحب تجديدها لتغير حال؛ كقيام وقعود، وصعود وهبوط، وركوب وملاقاة رفاق، وعقيب صلاة ولو نافلة، ويوهم عدها هنا مع السنن أنها في المذهب سنة، وليس الأمر كذلك، فهي عند =

<<  <  ج: ص:  >  >>