قال: الذي به الفتوى عند أصحابنا هو عدم إجزاء الوقوف به. فهذا خليل يقول في مختصره: كبطن عرنة، مشبهًا في عدم الإِجزاء. وفي الموطإ عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرنَةَ". الحديث. وعن مالك، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة. الحديث، ولا أعلم أن لمالك مؤلفًا في متناول أيدي الناس اليوم إلا الموطإ. ولعل هذه النسبة إليه أنه يقول بصحة حج من وقف بعُرنَةَ، شبيهة بمسألة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، مع الفارق الذي يظهر في كون خليل نصر السدل في مختصره، وصرح بعدم إجزاء الوقوف بعرنة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وقوله: وأجزأ بمسجدها بكره، يعني أنه يجزئ الوقوف بمسجد عرفة. والهاء في مسجدها راجع إلى عرنة، نسبة إليها لقربه منها؛ لأن حائطه القبلي - الذي يلي جهة الحرم - لو سقط لسقط في بطن عرنة. ومعلوم أن الإِضافة تقع بأدنى سبب، وإلا فهو من عرفة. وكرهوا الوقوف به لشدة قربه من عرنة. وباللّه تعالى التوفيق.
(١) وقوله: والسنة غسل متصل، يريد به - والله أعلم - أن السنة لمن أراد الإِحرام بحج أو عمرة أن يغتسل غسلًا متصلًا بالإِحرام، ويغتفر الفصل اليسير كإصلاح المتاع مثلًا. ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، والكبير والصغير، والحائض والنفساء.
وقال: ولا دم، مبينًا به أن من ترك الغسل ولو عمدًا، لا شيء عليه. روى خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرَّد لإِهلاله واغتسل. ذكره البغوي في شرح السنة. وقال شعيب في التعليق: أخرجه الترمذي في الحج وقال: هذا حديث حسن غريب. وفي الموطإ عن مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخول مكة ولوقوفه عشية بعرفة. =