قال الخطابي:«إنَّ الذي وقع في هذه الرواية - من نسبة التدلي للجبار عز وجل - مُخَالِفٌ لعامة السلف، والعلماء، وأهل التفسير، من تقدم منهم ومن تأخر ... ، قال: وقد رُوي هذا الحديث عن أنس من غير طريق شريك فلم يُذكر فيه هذه الألفاظ الشنيعة، وذلك مما يقوي الظن أنها صادرة من جهة شريك». اهـ (٤)
وقال ابن حزم:«لم نجد للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئاً لا يحتمل مخرجاً إلا حديثين». ثم ذكر حديث أنس فقال:«وفيه ألفاظٌ مُعْجَمة، والآفة من شريك، من ذلك قوله: «قبل أن يُوحى إليه»(٥)، وأنه حينئذ فرض عليه الصلاة، قال: وهذا لا خلاف بين أحد من أهل العلم إنما كان قبل الهجرة بسنة، وبعد أن أوحي إليه بنحو اثنتي عشرة سنة، ثم قوله:«إن الجبار دنا فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى»، وعائشة رضي الله عنها تقول: إن الذي دنا فتدلى جبريل». اهـ (٦)
وقال البيهقي:«ليس في رواية ثابت عن أنس لفظ الدنو والتدلي، ولا لفظ المكان، وروى حديث المعراج: ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن أبي ذر، وقتادة، عن مالك بن صعصعة، ليس في حديث واحد منهما شيء من ذلك». (٧)
قال:«وفي حديث شريك زيادة تفرد بها على مذهب من زعم أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى الله عز وجل، وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤيته - صلى الله عليه وسلم - جبريل أصح». اهـ (٨)
(١) الجمع بين الصحيحين (١/ ١٢٧ - ١٢٨). (٢) إيضاح الدليل، لابن جماعة (١/ ١٤٥). (٣) فتح الباري، لابن رجب (٢/ ١١٤). (٤) أعلام الحديث، للخطابي (٤/ ٢٣٥٢ - ٢٣٥٣). (٥) تقدم في أول المسألة تخريج حديث شريك، وذكرته هناك مختصراً، وهذه اللفظة منه. (٦) نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٣٩). (٧) الأسماء والصفات، للبيهقي (٢/ ٣٥٧). (٨) دلائل النبوة، للبيهقي (٢/ ٣٨٥).