[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث]
بداية لا بد من تحرير المسألة، في بيان هل الحدود كفارات لأهلها أم لا؟
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
الأول: أنَّ إقامة الحد بمجرده يُعد كفارة للذنب، ولو لم يتب المحدود.
وهذا مذهب الجمهور من العلماء (٢).
وهو المروي عن: علي بن أبي طالب (٣)، والحسن بن علي بن أبي طالب (٤)،
ومجاهد (٥)، وزيد بن أسلم (٦).
وهو قول: الشافعي (٧)، وأحمد (٨)، وسفيان الثوري (٩).
واختيار: النووي (١٠)، والملا علي القاري (١١)(١٢)، والشوكاني (١٣).
(١) انظر حكاية التعارض في الكتب الآتية: فتح الباري، لابن حجر (١٢/ ١١٤)، وتفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٣٨٥)، وعمدة القاري، للعيني (٢٣/ ٢٧٣)، وروح المعاني، للآلوسي (٦/ ٣٩٧)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٦/ ١٨٥). (٢) حكاه مذهب الجمهور القاضي عياض في إكمال المعلم (٥/ ٥٥٠)، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٥/ ١٤١)، وفتح الباري، لابن حجر (١/ ٨٦). (٣) ذكره الحافظ ابن رجب، في فتح الباري (١/ ٧٤). (٤) المصدر السابق. (٥) المصدر السابق، وانظر: جامع العلوم والحكم (١/ ٤٣١). (٦) ذكره الحافظ ابن رجب، في فتح الباري (١/ ٧٤). (٧) الأم، للشافعي (٦/ ١٣٨). (٨) انظر: فتح الباري، لابن رجب (١/ ٧٤). (٩) المصدر السابق. (١٠) صحيح مسلم بشرح النووي (١١/ ٣١٨). (١١) هو: علي بن (سلطان) محمد، نور الدين الملا الهروي القاري: فقيه حنفي، من صدور العلم في عصره. ولد في هراة وسكن مكة وتوفي بها. قيل: كان يكتب في كل عام مصحفاً وعليه طرر من القراءات والتفسير فيبيعه فيكفيه قوته من العام إلى العام. وصنف كتباً كثيرة، منها "تفسير القرآن" ثلاثة مجلدات، و "الأثمار الجنية في أسماء الحنفية" و "شرح مشكاة المصابيح"، وغيرها. (ت: ١٠١٤هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (٥/ ١٢). (١٢) مرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (٧/ ١١٤). (١٣) نيل الأوطار، للشوكاني (٧/ ٦٦).