المسألة [٤]: هل يُنْشِئُ الله تعالى للنار خلقاً فيعذبهم فيها؟
[المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة]
قال الله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)[النساء: ٤٠].
وقال تعالى:(وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[الكهف: ٤٩].
وقال تعالى:(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)[الإسراء: ١٥].
المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:
(٧) ـ (٦): عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"اخْتَصَمَتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبّهِمَا فَقَالَتْ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ مَا لَهَا لاَ يَدْخُلُهَا إلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ (١)؟ وَقَالَتْ النَّارُ: يَعْنِي أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي. وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا. قَالَ: فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ثَلاَثاً، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَمْتَلِئُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ (٢) ". (٣)
(١) قوله: سقطهم: أي من لا يعتد بهم، والسقط من كل شيء هو ما لا يعتد به، والساقط من الرجال هو السفلة من الناس واللئيم. انظر: مشارق الأنوار، للقاضي عياض (٢/ ٢٢٧). (٢) قط قط: بمعنى حسبي حسبي، وتكرارها للتأكيد، وهي ساكنة الطاء مخففة. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (٤/ ٧٨). (٣) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التوحيد، حديث (٧٤٤٩)، من طريق =