[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث]
اختلفت أجوبة العلماء في هذه المسألة؛ بسبب تعدد الوقائع الواردة فيها، وسأذكر أجوبتهم حسب كل واقعة:
أولاً: أجوبة العلماء عن خبر شجه، وكسر رباعيته - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد:
للعلماء في الجواب عن هذه الحادثة ثلاثة مذاهب:
الأول: أنَّ ما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد محمول على أحد أمرين:
١ - إما أنَّ ذلك كان قبل نزول قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)؛ لأن سورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن.
٢ - أو أنَّ المراد بالآية عصمته - صلى الله عليه وسلم - من القتل والهلاك.
وهذا مذهب الجمهور من المفسرين، والمحدثين. (١)
المذهب الثاني: أنَّ الآية مخصوصة، والمراد عصمته - صلى الله عليه وسلم - من القتل والهلاك، فقط.
وهذا مذهب: الشافعي، والزمخشري، وابن مفلح، وابن حجر الهيتمي، والسيوطي، وابن عاشور، وابن باز. (٢)
والفرق بين هذا المذهب والذي قبله، أن القائلين بالمذهب الأول
(١) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٥٢)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٢/ ٦٧)، ومفاتيح الغيب، للرازي(١٢/ ٤٢)، وتفسير النسفي (١/ ٤٢٣)، وتفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٥٤٠)، وتفسير الثعالبي (١/ ٤٧٦)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (٣/ ١٧٨)، والبرهان في علوم القرآن، للزركشي (٢/ ١٩٣ - ١٩٤)، واللباب في علوم الكتاب، لابن عادل الحنبلي (٧/ ٤٤١)، وروح المعاني، للآلوسي (٦/ ٤٩٩)، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري (٨/ ٣٢٦).(٢) انظر على الترتيب: الأم، للشافعي (٤/ ١٦٨)، والكشاف، للزمخشري (١/ ٦٤٦)، والآداب الشرعية(٣/ ٩٣)، والزواجر عن اقتراف الكبائر، للهيتمي (٢/ ١٦٣ ـ ١٦٤)، وتفسير الجلالين (١/ ١٥٠)، والتحرير والتنوير (٦/ ٢٦٣)، ومجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (٨/ ١٤٩ - ١٥٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute