وفيه: عرض الإسلام على الصبي الذي لم يبلغ، ومفهومه، أنه لو لم يصح إسلامه لما عرض - صلى الله عليه وسلم - الإسلام على ابن الصياد، وهو غير بالغ، وبه يطابق الحديث الترجمة بجزئيها وفي رواية: لابن صائد (١).
(فَنَظَرَ إِلَيْهِ) أي: إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ) هم مشركو العرب نسبوا إلى ما عليه أمة العرب وكانوا لا يكتبون. وقيل: نسبة إلى أم القرى (٢).
وفيه إشعار بأن اليهود الذين كان منهم ابن صياد كانوا معترفين ببعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , لكن يدعون أنها مخصوصة بالعرب وفساد حجتهم واضح؛ لأنهم إذا أقروا برسالته استحال كذبه فوجب تصديقه في دعواه الرسالة الى كافة الناس (٣).
[٢٣٤ أ/ص]
(فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: /أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ) النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا هو بالضاد المعجمة أي: تركه، والمعنى: ترك سؤاله أن يسلم ليأسه منه، وزعم القاضي عياض أنه بصاد مهملة. قال: وهي روايتنا عن الجماعة. وقيل: بالصاد المهملة وهو الضرب بالرِّجْل؛ مثل الرفس بالسين المهملة. لكن قال القاضي عياض: لم أجد هذه اللفظة في أصول اللغة (٤).
ووقع في رواية القاضي التميمي: فرفضه, بضاد معجمة. قيل: وهو وهم. وفي رواية المروزي: فرقصه, بقاف وصاد مهملة. قيل: ولا وجه له (٥).
وعند الخطابي: فرصَّهُ بصاد مهملة مشددة أي: ضغطه حتى ضم بعضه إلى بعض (٦). ومنه قوله تعالى {بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)} [الصف: ٤]
(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ) قال الكرماني: وتبعه البرماوي ما حاصله: أن وجه مناسبة هذا القول لقول ابن صياد: "أتشهد أني رسول الله؟ " هو أنه لما أراد أن يظهر للقوم كذبه -في دعواه الرسالة- أخرج الكلام مخرج الإنصاف؛ يعني: آمنت برسل الله, فإن كنت رسولًا صادقًا
(١) عمدة القاري (٢٢/ ١٩٨). (٢) عمدة القاري (٨/ ١٧٠). (٣) فتح الباري (٦/ ١٧٣). (٤) مشارق الأنوار على صحاح الآثار [ر ص ف] (١/ ٢٩٤). (٥) فتح الباري (١٨/ ٥٤). (٦) غريب الحديث (١/ ٦٣٤).