وقال صاحب "الهداية": وإن مات الكافر، وله ابن مسلم يغسله ويكفنه ويدفنه، بذلك أمر علىٌّ - رضي الله عنه - في حق أبيه أبي طالب (١)، وهذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"؛ فقال: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد بن رافع، عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: لما أخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموت أبي طالب بكى، ثُمَّ قال لي: اذهب فاغسله وكفنه وواره"، قال: ففعلتُ ثُمَّ أتيته، فقال لي: اذهب فاغتسل، قال: وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغفر له أيامًا، ولا يخرج من بيته حتَّى نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ١١٣] الآية (٢).
[٥٤ ب/س]
وقال صاحب "الهداية": لكن يغسل غسل الثوب النجس، ويلفف في خرقة من غير مراعاة سنة التكفين من اعتبار عدد وغير حنوط (٣)، وبه قال الشافعي (٤)، وقال مالك وأحمد: ليس لولي الكافر غسله ولا دفنه (٥)، ولكن قال مالك: له موارته (٦)، ويستوي في ذلك: الذمي،
والمعاهد، والمستأمن بخلاف الحربي والمرتد الزنديق؛ إذ لا حرمة لهم، وقد ثبت أمره - صلى الله عليه وسلم - بإلقاء/ قتلى بدر في القليب بهيئتم.
وفيه أيضًا فضيلة عمر - رضي الله عنه -، وفي قوله - رضي الله عنه -: "أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ " جواز الشهادة على الإنسان بما فيه في الحياة والموت عند الحاجة، وإن كانت مكروهة، وفيه أيضًا: جواز المسألة للشيء تبركًا.
(١) الهداية في شرح بداية المبتدي (١/ ٩١) (٢) الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفِي: ٢٣٠ هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤١٠ هـ- ١٩٩٠ م (١/ ٩٩)، إسناد فيه متروك الحديث وهو محمد بن عمر الواقدي، كما ذكره العسقلاني في تقريب التهذيب (ص: ٤٩٨) (٦١٧٥). (٣) الهداية في شرح بداية المبتدي (١/ ٩١) (٤) الأم (١/ ٣٠٣). (٥) المدونة (١/ ٢٦١). المغني (٢/ ٣٩٣). (٦) المدونة (١/ ٢٦١).