ويحتمل وجها آخر: وهو أن الثوب الذي اختاره كان وصل إليه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلذلك اختاره تبركًا به وحق له هذا الاختيار (١).
(فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ) بالهمزة ممدودًا وقد يضم فاؤه (وَدُفِنَ) من ليلته (قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ).
وفي الحديث: استحباب التكفين في الثياب البيض وتثليث الكفن وجواز التكفين في الثياب المغسولة.
وفيه: إيثار الحي بالجديد. وفيه: جواز دفن الميت بالليل واستحباب طلب الموافقة فيما وقع للأكابر تبركًا بذلك.
وفيه: أخذ المرء بالعلم عمن دونه. وفيه: فضيلة أبي بكر وصحة فراسته وثباته عند وفاته - رضي الله عنه -.
وفيه: أن وصية الميت معتبرة في كفنه وغير ذلك من أمره إذا وافق صوابًا, فإن أوصى بسرف, فعن مالك: يكفن بالقصد فإن لم يوصى لم ينقص من ثلاثة أثواب من جنس لباسه في حياته؛ لأن الزيادة عليها والنقص منها خروج عن العادة (٢).
وقال أبو عمر فيه: أن التكفين في الثوب الجديد والخلق سواء (٣)، وتعقب باحتمال أن يكون أبو بكر - رضي الله عنه - اختاره لمعنى من المعاني التي ذكرت آنفًا, وعلى تقدير أن لا يكون كذلك فلا دليل فيه على المساواة (٤).
(١) فتح الباري (٣/ ٢٥٣). (٢) المنتقى شرح الموطإ (٢/ ٨). (٣) الاستذكار (٣/ ١٨). (٤) فتح الباري (٣/ ٢٥٤).