الله عنه ـ واحد منهم، فمن حقّه علينا ـ رضي الله عنه ـ أن نذكره كما ذكره الله في كتابه، وأن نثني عليه كما أثنى الله على أصحاب نبيّه محمّد - صلى الله عليه وسلم -، والآيات في الثّناء عليه وعلى سائر الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ كثيرة، وليس هذا موضع إحصائها ولا مكان استقصائها.
ومعاوية ـ رضي الله عنه ـ خال المؤمنين، فأخته أمّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان (أمّ حبيبة) فهو أخو أمّ حبيبة زوج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والّذي لا يعرف فضل معاوية ـ رضي الله عنه ـ وقدره، فذلك عيبٌ فيه لا في معاوية ـ رضي الله عنه ـ، ولعمري قد أحسن من قال:
والنّجمُ تستصْغرُ الأبْصَارُ رُؤيَتَهُ ... والذّنبُ للطرفِ لا للنّجمِ في الصِّغَرِ
إحياء معاوية للسُّنن
كان معاوية ـ رضي الله عنه ـ حريصاً على إقامة سُنَن الإسلام وشرائعه وشعائره، فمن ذلك أنَّه قدم المدينة المنوَّرة، ويظهر أنّه سمع اختلافاً على صوم يوم عاشوراء، فخطب في جمعهم، وأعلمهم بسنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنَّ صيامه ليس واجباً ولا محرَّماً، ولا مكروهاً، ولم يُنْكر عليه أحد:
أخرج البخاري عن حُمَيْد بن عبد الرَّحمن أنَّه سمع معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ يوم عاشُوراء عام حجَّ (١) على المنبر يقول: " يا أهل المدينة أين علماؤُكم؟! سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هذا يومُ عاشُوراءَ ولم يُكتَبْ عليكم صيامُه وأنا صائم فمن شاء فَليصُمْ، ومن شَاءَ فليُفْطِرْ "(٢).
[إنكار معاوية للمنكر ومحاربته للبدع]
كان معاوية كغيره من ولاة الأمر من قبله في عنايته بإنكار المنكر والحضّ على إزالته، دخل ـ رضي الله عنه ـ المدينة في آخر حجّة حجَّها سنة إحدى وخمسين، فأنكر على علمائهم
(١) يظهر أنّ المراد آخر حجّة حجّها. (٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ٢/ص ٢٥٠) كتاب الصّوم، ومسلم " صحيح مسلم بشرح النَّووي " (م ٤/ج ٧/ص ٨) كتاب الصيام.