قِبَل الكتب، ولا صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم.
* * *
وأما"الغيْب" فمصدر من قول القائل:"غاب فلان عن كذا فهو يَغيب عنه غيْبًا وَغيبةً". (١)
* * *
وأما قوله:"نُوحيه إليك"، فإن تأويله: نُنَزِّله إليك.
* * *
وأصل"الإيحاء"، إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.
وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة، كما قال جل ثناؤه:(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)[سورة النحل: ٦٨] ، بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال:(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ)[سورة المائدة: ١١١] ، بمعنى: ألقيت إليهم علمَ ذلك إلهامًا، وكما قال الراجز:(٢)
* أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ * (٣)
بمعنى ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جل ثناؤه:(فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)[سورة مريم: ١١] ، بمعنى: فألقى ذلك إليهم إيماء. (٤) والأصل
(١) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف ١: ٢٣٦، ٢٣٧. (٢) هو العجاج. (٣) ديوانه ٥، واللسان"وَحَى"، وسيأتي في التفسير ٤: ١٤٢ (بولاق) ، وغيرها. ورواية ديوانه، وإحدى روايتي اللسان"وحى" ثلاثيًا، وقال: "أراد أوحى"، إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف"، وانظر ما سيأتي في تفسير سورة مريم (١٦: ٤١ بولاق) . والبيت من رجز للعجاج يذكر فيه ربه ويثني عليه بآلائه، أوله: الحَمْدُ لِلِه الَّذِي اسْتَقَّلتِ ... بِإِذْنِه السَّماءُ، وَاطْمأَنَّتِ بِإذْنِهِ الأَرْضُ وما تَعَتَّتِ ... وَحَى لَهَا القرارَ فَاسْتَقَرَّتِ وَشدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثَّبتِ ... رَبُّ البِلادِ والعِبَادِ القُنَّتِ (٤) في المخطوطة والمطبوعة: "فألقى ذلك إليهم أيضًا"، وهو خطأ بين، والصواب ما أثبته، وانظر ما سلف قريبًا في بيان قوله تعالى: "رمزًا"، ص: ٣٨٨، وما بعدها.