واحتجُّوا أيضًا بما رُويَ عن أبي هريرة (١): إنَّ أرواح الأبرار في علِّيين، وأرواحَ الفُجَّار في سجين (٢). وعن عبد الله بن عمرو (٣) مثلُ ذلك (٤).
قال أبو عمر: وهذا قول يعارضه من السنّة ما لا مَدْفعَ في صحة نقله، وهو قوله:«إذا مات أحدُكم عُرِض عليه [٦١ ب] مقعدُه بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار. يقال له: هذا مقعدك، حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة»(٥).
وقال آخرون (٦): إنما معنى هذا الحديث في الشهداء دون غيرِهم، لأن القرآن والسنةَ إنما يدُلان على ذلك. أما القرآن فقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآية [آل عمران: ١٦٩، ١٧٠].
وأما الآثار، فذكَرَ حديث أبي سعيد الخُدريِّ (٧) من طريق بقيِّ بن مخلد مرفوعًا: «الشهداء يغدون ويروحون (٨)، ثم يكون مأواهم إلى قناديلَ معلَّقةٍ بالعرش، فيقول لهم الربُّ تبارك وتعالى: هل تعلمون كرامةً أفضلَ من
(١) فيما عدا (أ، ق، غ) زيادة: «قال». (٢) لم أجده في غير التمهيد. (٣) كذا في جميع النسخ. وفي التمهيد: «ابن عمر». (٤) (أ، غ): «مثل هذا الحديث». (٥) تقدم قبل قليل (ص ٢٨٠). (٦) (ب، ط، ن، ج): «الآخرون». (٧) (ب، ط، ج): «فذكر عن أبي سعيد الخدري». (٨) بعده في التمهيد: «إلى رياض الجنة».