ثوبين مُمَصَّرين تسحبُهما (١) كِبْرًا، تمشي الخيلاء؟ فقال: أنا أضعف من ذلك (٢). قال: فضربه ضربةً امتلأ القبر حتى فاض ماءً ودُهنًا. ثم عاد، فأعاد عليه القول، حتى ضربه ثلاث ضربات، كلَّ ذلك يقول ذلك. ويذكر أنّ القبر يفيض ماءً ودهنًا. قال: ثم رفع رأسه، فنظر إليَّ، فقال: انظر (٣)، أين هو جالس نكَّسه (٤) الله! قال: ثم ضرب جانب وجهي فسقطتُ. فمكثتُ ليلتي حتّى أصبحت. قال: ثم أخذت أنظر إلى القبر، فإذا هو على حاله.
فهذا الماء والدهن في رأي العين لهذا الرائي هو نار تأجَّجُ للميِّت، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدجّال: أنه يأتي معه بماء ونار، فالنار ماء بارد، والماء نار تأجَّجُ (٥).
وذكر ابن أبي الدنيا (٦) أنَّ رجلًا سأل أبا إسحاق الفزاريَّ عن النَّباش: هل له توبة؟ فقال: نعَم إن صحَّت نيته، وعلم الله منه الصدقَ. فقال له الرجل: كنت أنبُش القبور، وكنت أجد قومًا وجوهُهم لغير القِبلة. فلم يكن عند الفزاريِّ في ذلك شيء، فكتب إلى الأوزاعي يخبره بذلك، فكتب إليه
(١) (ق): «بمصرين». وفي (ب، ط): «نسجتهما». وكلاهما تصحيف. وثوب ممصَّر: مصبوغ بالطين الأحمر أو بحمرة خفيفة. (٢) «فقال ... ذلك» ساقط من (ن). (٣) ما عدا (أ، ق، غ): «انظروا». (٤) (ن): «ثبَّتَه». وفي غيرها: «بلسه» وتصحيحه من كتاب القبور، وشرح الصدور (١٣٨). (٥) أخرجه البخاري (٣٤٥٠) من حديث حذيفة بن اليمان. (٦) في كتاب القبور (٩٩).