والرؤيا الصحيحةُ أقسام منها: إلهامٌ يُلقيه الله سبحانه في قلب العبد. وهو كلامٌ يُكلِّم به الربُّ عبدَه في المنام، كما قال عبادة بن الصامت (٢) وغيره (٣). ومنها: مَثَلٌ يضربِه له ملكُ الرؤيا الموكلُ بها. ومنها: التقاءُ روحِ النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم، كما ذكرناه (٤). ومنها: عروجُ (٥) روحه إلى الله سبحانه وتعالى وخطابُها له. ومنها: دخولُ روحه إلى الجنة ومشاهدتُها وغير ذلك. فالتقاءُ أرواح الأحياء والموتى نوعٌ من أنواع الرؤيا الصحيحة التي هي عند الناس من جنس المحسوسات.
وهذا موضعٌ اضطرب فيه الناس. فمن قائلٍ: إنَّ العلومَ كلَّها كامنة في النفس، وإنما اشتغالُها بعالم الحسِّ يحجبُ عنها مطالعتَها (٦)، فإذا تجرَّدت
(١) هذا التقسيم مما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة: البخاري (٧٠١٧)، ومسلم (٢٢٦٣). (٢) أورده المصنف وشيخه في عدة مواضع من كتبهما. انظر: الرد على المنطقيين (٤٨٥)، النبوات (١٧٩)، بدائع الفوائد (٥١٣)، مدارج السالكين (١/ ٥١). وأشار في مواضع أخرى إلى أنه روي مرفوعًا. مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٩٨)، حادي الأرواح (٨٣٨). وقد أخرج هذا المرفوع الحكيم الترمذي في النوادر (١/ ٣٩٠). قال ابن حجر: وهو من روايته عن شيخه عمر بن أبي عمر، وهو واهٍ. وفي سنده جنيد. (فتح الباري ١٢/ ٣٥٤). وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٦٢): رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه. (٣) لعله يعني: أبا الدرداء. انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ١٨٠). (٤) (ب): «ذكرنا». (٥) في (أ، غ): «مثل عروج»، وكلمة «مثل» مقحمة. (٦) (ب، غ، ق، ز): «مَطالِعها».