حدثني أبو بكر التَّيمي (١)، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني حُميد الطويل، عن مُطَرِّف بن عبد الله الحَرَشي (٢) قال: خرجنا إلى الربيع في زمانه، فقلنا: ندخلُ يوم الجمعة لشهودها، وطريقنا على المقبرة، قال: فدخلنا، فرأيت جنازة في المقبرة، فقلت: لو اغتنمتُ شهودَ هذه الجنازة، فشهدتها. قال: فاعتزلت ناحيةً قريبًا من قبر، فركعت ركعتين خَفَّفتُهما لم أَرْضَ إتقانَهما. ونعستُ، فرأيتُ صاحب القبر يكلِّمني، وقال: ركعتَ ركعتين لم ترضَ إتقانهما! قلتُ: قد كان ذلك. قال: تعملون، ولا نستطيع أن نعمل. لأن أكونَ ركعتُ مثلَ ركعتيك أحبُّ إليّ من الدنيا بحذافيرها. فقلتُ: من هاهنا؟ فقال: كلُّهم مسلِمٌ، وكلُّهم قد أصاب خيرًا (٣). فقلتُ: مَن هاهنا أفضلُ؟ فأشار إلى قبر. فقلت في نفسي: اللهم ربَّنا أخرِجْه إليَّ، فأكلِّمَه. قال: فخرج من قبره فتى شابٌّ، فقلت: أنت (٤) أفضل مَنْ هاهنا؟ قال: قد قالوا ذلك. قلت: فبأيِّ شيء نلتَ ذلك؟ فوالله ما أرى لك ذلك السِّنَّ، فأقولَ: نلتَ ذلك بطول الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله والعمل. قال: قد ابتُلِيتُ بالمصائب، فرُزِقْتُ الصبرَ عليها، فبذلك فَضَلْتُهم (٥).
(١) في (ب، ط، ج): "النحوي". وفي (ز): "التميمي" ولعلهما تحريف. فإنه من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهو تيمي. (٢) في (ق) بالسين المهملة، وفي (أ) بالجيم والشين. وفي (ز): "الجهني". والصواب ما أثبتنا من غيرها، نسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. انظر: اللباب (١/ ٣٥٧). (٣) (ز): أصابه خير. (٤) (ز): إنّك. (٥) أخرجه البيهقي في الشعب (٧/ ٢٤٨) من طريق ابن أبي الدنيا. وعنه أورده ابن رجب في الأهوال (٤٠) والسيوطي في شرح الصدور (٣٦٥).