فمن الأول قوله تعالى: لا تَعْدُوا [النساء ١٥٤]، قال مكي:
«قرأ قالون باختلاس حركة العين، لأنها حركة عارضة عليها، لأن أصلها:
تعتدوا، فأصلها السكون، ثم أدغمت التاء في الدال بعد أن ألقيت حركتها على العين، فاختلس حركة العين ليخبر أنها حركة غير لازمة، ولم يمكنه أن يسكن العين، لئلا يلتقي
ساكنان: العين وأول المدغم، وكره تمكين الحركة، إذ ليست بأصل فيها، وحسن ذلك للتشديد الذي في الكلمة ولطولها.» «١»
ومن الآخر قوله تعالى: نُطْعِمُكُمْ [الإنسان ٩]، قال الأزهري:
«القراءة:(نطعمكم) بضم الميم، وما روي عن أبي عمرو فهو من اختياره الاختلاس عند تتابع الحركات.» «٢»
- والاختلاس أحسن وأجود في العربية من الإسكان، لأنه يجمع التخفيف والدلالة على الإعراب، ولأنه يؤمن معه اجتماع الساكنين في نحو: لا تَعْدُوا [النساء ١٥٤]«٣»«٤».
- ونطق الحركات مختلسة يحتاج إلى لطافة يجفو عنها كثير من ألسنة الحضريين، ولا تتأتى لهم إلا بالدربة والمران. قال الأزهري:
« ... لأن العربي يختلس الحركات اختلاسا خفيا، إذا سمعه الحضري ظنه جزما، وذلك الظن منه وهم.»«٥»