فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي قط فارجعوا. رواه البخاري في التاريخ (١) عن أبي كريب، عن يونس.
وقال ابن إسحاق (٢): وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة أن قريشا حين قالت لأبي طالب ما قالوا، بعث إلى رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أخي إن قومك قد جاءوا إلي فقالوا كذا وكذا، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله ﷺ أنه قد بدا لعمه بداء وأنه خاذله ومسلمه، فقال: يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته. ثم استعبر رسول الله ﷺ ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي، فأقبل إليه فقال: اذهب فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك أبدا.
قال ابن إسحاق فيما رواه عنه يونس (٣): ثم قال أبو طالب في ذلك شعرا.
والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتى أوسد في التراب دفينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه … من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبة … لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وقال الحارث بن عبيد: حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان النبي ﷺ يحرس حتى نزلت (والله يعصمك من الناس)، فأخرج رأسه من القبة فقال لهم: أيها الناس انصرفوا؛ فقد عصمني الله (٤).
وقال محمد بن عمرو بن علقمة، عن محمد بن المنكدر، عن ربيعة بن
(١) التاريخ الكبير ٧/ ٥١، ودلائل النبوة ٢/ ١٨٦ - ١٨٧. (٢) ابن هشام ١/ ٢٦٦، ودلائل النبوة ٢/ ١٨٧. (٣) دلائل النبوة ٢/ ١٨٨. (٤) دلائل النبوة ٢/ ١٨٤.