ومثله أن يُفعل الفعلُ به هو - صلى الله عليه وسلم -، فيقر على ذلك. كتطييب عائشة له قبيل الإحرام، وترجيلها له وهو معتكف. وهذا النوع من التقرير، لقوته، قد يجعله البعض من الأفعال (الصريحة).
٣ - ومثل ذلك أن يستحل ما حصل من الفعل، كأكله - صلى الله عليه وسلم - من حصيلة رقية بن مسعود. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أقسموا وأضربوا لي معكم بسهم"(١)، وصيد أبي قتادة إذ كان مع المحرمين، وصاد حمار وحش، وبقيت منه بقية فأكل منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢). وعنبر أبي عبيدة أكل منه - صلى الله عليه وسلم - (٣). وكوطئه جاريته مارية التي أهداها له المقوقس، فهو إقرار يدل على صحة تملك الكفار لرقيقهم.
٤ - ودون ذلك: أن يسكت - صلى الله عليه وسلم - مع الاستبشار، وإظهار علامات الرضا والقبول. فذلك حجة واضحة. لأن استبشاره لا يكون بما يخالف الشريعة. ومثاله حديث عبد الله بن مغفل قال:"أصبت جراباً من شحم يوم خيبر. قال: فالتزمته، فقلت: لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً. قال فالتفتُّ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبسماً"(٤).
ومثله أيضاً تبسّمه لما اشتكت إليه امرأة رفاعة القرظي زوجها، وقالت:"وإنما معه مثل هدبة الثوب"(٥). فذلك إقرار يدل على جواز التصريح بمثل ذلك في معرض الدعوى.
ومن هذا النوع عند الشافعية، ما ورد عن عائشة أنها قالت:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليّ مسروراً تبرق أسارير وجهه. فقال: ألم تري أن مُجَزِّزاً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض؟ "(٦).
وفي هذا المثال للحنفية بحث يأتي ذكره إن شاء الله.
(١) مسند أحمد ٣/ ٨٣ (٢) مسلم ١٣/ ٨٧ (٣) مسلم ٨/ ١١٠ (٤) مسلم ١٢/ ١٠٢ والبخاري. (٥) مسلم ١٠/ ٢ والبخاري. (٦) مسلم ١٠/ ٤٠ والبخاري.