أصل العصمة الحبل، وكل ما أمسك شيئاً فقد عصمه. وتقول العرب: عصام القِربة، وعصام الإناء. فالعصام: الحبل أو الحلقة التي يعلّق بها الشيء فلا يسقط.
أما في الاصطلاح، فالعصمة: منع الله عبده من السقوط في القبيح من الذنوب والأخطاء ونحو ذلك، وهو المعنى المراد في هذا المبحث.
هذا، وتستعمل العصمة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى آخر وهو أنه تعالى عصمه من أن يصل إليه أذى الناس، لأجل أن يتمكن من إبلاغ دعوته. ففي الحديث أن عائشة قالت:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس، حتى نزلت هذه الآية:{والله يعصمك من الناس}(١) فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبّة، فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله"(٢).
وسيأتي لهذا المعنى مزيد بسط في أواخر مسألة العصمة.
والعصمة بهذا المعنى، خارجة عن المعنى الاصطلاحي للعصمة، الذي قدمنا ذكره، كما لا يخفى.
[حقيقة العصمة]
اختلف علماء الكلام وعلماء الأصول في حقيقة العصمة، على أقوال (٣).
١ - قيل: المعصوم من لا يمكنه الإتيان بالمعصية.
وأصحاب هذا القول على طريقتين:
أ- فقيل: حقيقة العصمة أن يختص المعصوم في نفسه أو بدنه بخاصّيّة تقتضي امتناع إقدامه على المعصية.
وهذا القول في حقيقة العصمة مردود، إذ لوكان الذنب من المعصوم ممتنعاً
(١) رواه الترمذي ٨/ ٤١١ وقال في الشرح: قال الحافظ (ابن حجر) إسناده حسن وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير والحاكم في مستدركه. (٢) سورة المائدة: آية ٦٧ (٣) انظر إرشاد الفحول ص ٣٤