ويقول القرافي:"البيان يُعَدّ كأنه منطوق به في ذلك المبين (٢) فبيانه الحجّ الوارد في كتاب الله يعد منطوقاً به في آية الحج، كأن الله تعالى قال:{ولله على الناس حِجّ البيت} -على هذه الصفة- وكذلك بيانه لآية الجمعة، فَعَلها - صلى الله عليه وسلم - بخطبة وجماعة وجامع وغير ذلك، فصار معنى الآية:{يا أيها الذين آمنوا إذا نوديَ للصّلاة} -التي هذا شأنها- {من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}. وإذا كان البيان يعد منطوقاً به في المبين، كان حكمه حكم ذلك المبيّن، إن واجباً فواجب، أو مندوباً فمندوب، أو مباحاً فمباح"(٣). اهـ.
[الفعل البياني هل هو دليل الحكم؟]
قدّمنا أن الفعل البياني يفصِّل المراد بالمجمل، وحكم التفاصيل حكم المجمل، فأربع ركعات في الظهر حكمها الوجوب، لأن المبيّن بالفعل دالّ على الوجوب، وهو {أقيموا الصلاة}.
فمأخذ الوجوب على هذا، المجملُ نفسه، وليس في الفعل دلالة على الحكم. وبهذا صرّح عبد الجبار (٤)، وأبو الحسين البصري، وأبو يعلى الحنبلي (٥). قال أبو الحسين:"غير صحيح أن البيان يدلّ على الوجوب كما يدلّ المبيّن، لأن البيان إنما يتضمن صفة المبين، وليس يتضمّن لفظاً يفيد الوجوب"(٦). وقال في موضع آخر:"إذا كان الفعل بياناً لمجمل، وكان المجمل دالاً على الوجوب، عاد الفعل للوجوب، لكن الإيجاب بالمجمل، لا بالفعل، فالفعل لا يدل على الوجوب أساساً"(٧).
(١) الشوكاني: إرشاد الفحول ص ٣٦ ابن عقيل: الواضح ١٢٦ أ. (٢) شرح تنقيح الفصول ص ١٢٦ (٣) أي من ناحية البيان والدلالة فقط، لا من كل الجهات فلا يصح نسخ الكتاب به مثلًا، فذلك ممتنع. وانظر ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام ١/ ١٨٦ (٤) المغني ٢١٦/ ١٧ (٥) العمدة ق ١٠٤ أ. (٦) المعتمد ١/ ٣٤١ (٧) المعتمد (الزيادات) ٢/ ١٠٠٤