أراك الله} (١) والذي أراه إياه يعمّ الحكم بالنص، والاستنباط من النصوص، والقياس عليها.
ونوقش هذا الدليل بأن ما أراه هو ما أنزله إليه.
والجواب أن يقال: أن ما حكم به قياساً على المنزل هو حكم بالمنزل، لأنه حكم بمعناه وعلته.
وجواب آخر: أن حكمه بالاجتهاد هو حكم بما أراه الله، فتقييده بالمنزل مخالف لإطلاق الآية.
٣ - قوله تعالى:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}(٢) فعاتبه الله على إطلاقهم، كما في حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:"جئت فإذا رسول الله وأبو بكر يبكيان. فقلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبكي للذي عَرَض علي أصحابك من أخذهم الفداء. لقد عُرِض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة -لشجرة قريبة منه- وأنزل الله عز وجل:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ... } الآيات. فأحلّ الله الغنيمة لهم"(٣) اهـ.
فإنه هنا حكم بالمصلحة. وإذا جاز الحكم بالمصلحة، فالحكم بالقياس أولى.
٤ - أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى على كبير المنافقين عبد الله بن أبي. فجذبه عمر، وقال: أليس الله تعالى قد نهاك أن تصلّي على المنافقين؟ فقال:"أنا بين خيرتين، قال الله تعالى:{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}(٤) فلأزيدنّ على السبعين". فصلّى عليه (٥). فنزل قوله تعالى:{ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره}(٦).
(١) سورة النساء: آية ١٠٥ (٢) سورة الأنفال: آية ٦٧ (٣) رواه مسلم والترمذي (جامع الأصول ٩/ ١٤٢). (٤) سورة التوبة: آية ٨٠ (٥) حديث صلاته - صلى الله عليه وسلم - على ابن أبي رواه البخاري ٣/ ١٣٨ ورواه مسلم والنسائي وابن ماجه. (٦) سورة التوبة: آية ٨٤