روت عائشة ﵂ عن النبي ﷺ أنه قال:"من نَذَرَ أن يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ ومن نَذَرَ أن يعصي الله فلا يَعْصِهِ"(١) وعليه يحمل قوله ﷺ: "لا نَذْرَ في معصية الله".
وأمَّا تعليق القُربة بالمعصية نفيًا وإثباتًا فيتصور على صورة التَّبَرُّرِ بأن يقول: إن لم أشرب الشهر فلله عَلَيَّ كذا يعني: إن وفقني الله للتَّحَرُّزِ عنه، وهذا نذرٌ صحيحٌ، ويتصور على فعل اللَّجَاجِ بأن يقول: إن شربت فعليَّ كذا، يريد منع نفسه منه، وكذا لو قيل له: لا تشرب، فقال لَجَاجًا: إن لم أشرب فلله عَلَيَّ كذا.
وفيما يلزم في نَذْرِ اللَّجَاجِ على الإطلاق ثلاثة أقوال للشافعي ﵁:
أصحها: أن فيه كفارة اليمين؛ لما رُوِيَ عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال:"النَّذْرُ يَمِينٌ وكفارته كفارة يَمِينٍ"(٢) وقد يحمل قوله في الخبر: "وكفارته كفارة يَمِينٍ" على هذا.
والثاني: إنَّ عليه الوفاء بما التزم.
والثالث: يتخير بين الوفاء والكفارة.
وحكى الأصحابُ وجهين فيما إذا التزم ما ليس بقُربةٍ في مقابلة نعمة، أو عَلَّقَهُ بفعلٍ من أفعاله فقال: إن شفي الله مريضي، أو إن دخلت الدار فعليَّ أن آكل الطعام كذا، وكذا لو كان المُلتزم فرضًا أو معصية بأن قال: إن فعلت كذا فعليّ أن
(١) رواه البخاري (٦٦٩٦). (٢) رواه أحمد (٤/ ١٤٨)، وأبو يعلى (١٧٤٤) بلفظه من طريق عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر ﵁. ورواه مسلم أيضًا من طريقه لكن بلفظ: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ".