في هذا تفصيل: إذا قارن الرياء العبادة من أولها فهي باطلة أصلًا؛ لأنها لم تنعقد.
وأمَّا إذا طرأ عليها في أثنائها؛ فننظر:
- فإن دافعه فاندفع، لم يضره.
- وإن استرسل معه فننظر: هل هذه العبادة عبادةٌ واحدة ينبني بعضها على بعض، أو هي عبادةٌ ذات أجزاءٍ منفصلة يستقل بعضها على بعض؟
يتضح هذا بالمثال: لو طرأ الرياء على الصلاة في أثنائها ولم يدافعه صاحبه؛ بل استرسل معه؛ لما يرى من نظر رجلٍ إليه فصار يمد قيامه وقعوده، وجلوسه ويتخشَّع مسترسلًا في هذا الشعور الشيطاني، فإن العبادة تبطل كلها؛ لأن الصَّلاة عبادةٌ واحدة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم فإذا فسد بعضها فسد كلها.
أمَّا إذا كانت العبادة ذات أجزاء ينفصل بعضها عن بعض ولا ينبني بعضها على بعض، فإن الرياء لا يُبطل إلا ما قارنه.
مثال ذلك: لو تعين على إنسان إخراج زكاة ماله (ألف ريال) فصار يخرج مائةً مائة، وكان مخلصًا لله في تسعٍ منها، فلما كانت المائة العاشرة -تمام الألف- خالطه رياءٌ وحبُّ سمعة، فحينئذٍ لا يفسد الجميع؛ بل تفسد الدفعة الأخيرة فقط؛ لأن هذه عبادةٌ منفصلٌ بعضها عن بعض.
ولا ريب أن ما قدَّم به الشيخ من الجُمل مقرَّرٌ ثابتٌ واضح؛ فإن الله ﷾ قد قال لنبيه: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥]: هذا يقال للنَّبي ﷺ فكيف بمن دونه؟