وها نحن نتفيأ ظلال هذه الدعوة المباركة، التي صارت بركة على متبعيها، وشجىً في حلوق مخالفيها؛ فلم يزل أهل البدع والإشراك، من المنتسبين إلى الإسلام يرمون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن قوسٍ واحدة، ويرون فيها الخصم الألد لهم، ويكيلون لها التهم جزافًا، لعلمهم أنها تقضي على شركهم، وأنها صوت الحق المبين، المؤسس على النص والدليل، الذي يقضي على خزعبلاتهم، وغلوهم، وتغريرهم بعوام الناس ودهمائهم.
فهذه الدعوة -بحمد الله- موصولة بدعوة النَّبي ﷺ، ودعوة المرسلين، تستقي من ينبوعها، وتمتح من نميرها، والشيخ ﵀ لا يذكر مسألةً من مسائل الدين إلا ويقرنها بالدليل من كتابٍ أو سنة. وهذه القواعد الأربع مثال ظاهر، ودليل باهر.
ربما وقعت هذه الرسالة جوابًا لسؤال ورد عليه، وقد كان الشيخ ﵀ كثير الأجوبة على المسائل التي ترده من بلدات نجد، ويدل عليه أسلوب الخطاب في مستهلها، وربما كتبها ابتداءً، وفاءً بالميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم، كما قال: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]
وهي معانٍ دأب الإمام المجدد على تكرارها، والتنبيه عليها، في منازلاته، وسجالاته، ومراسلاته، ومصنفاته، حيث أدرك بثاقب بصره، وطول مراسه، أن سدنة القبور والمقامات، يعوِّلون عليها، ويقتاتون على تجهيل الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز،﵀: (فهذه القواعد الأربع، نبَّه عليها المؤلف، رحمة الله عليه، وهي قواعد مهمة، فمن عقلها، وفهمها جيدًا، فهم دين المشركين، وفهم دين المسلمين. وأغلب الخلق لا يفهم