الثانية: أن يتلف بتلك الجناية في يد البائع فكذلك، ويجعل كأن المشتري قبضه؛ لأن التلف منسوب إليه وإتلافه قبض على الصحيح.
الحالة الثالثة التي ذكرها المصنف: أن يندمل ويتلف في يد البائع بآفة سماوية، فالبيع ينفسخ بالتلف، ويلزم المشتري ضمان اليد، وبماذا يضمنها؟ فيه أربعة أوجه:
أصحها (١): ما ذكره المصنف، وبه قال ابن سريج، وابن الحداد، والقفال، والقاضي حسين، والبغوي (٢)، أنه يقوّم العبد صحيحًا، فيقال مثلًا: ثلاثون، ثم مقطوعًا، فيقال: خمسة عشر، فعرفنا أن التفاوت النصف، فيستقر عليه من الثمن بمثل تلك النسبة، وهو نصف الثمن، ولو قوم مقطوعًا بعشرين، فعليه ثلثا الثمن.
والثاني: ويُحْكَى عن القاضي أبي الطيب: أنه يستقر من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة وهو النصف، وعلى هذا لو قطع يديه واندملتا ثم مات العبد في يد البائع؛ وجب على المشتري تمام الثمن، ولا يرجع على البائع بشيء واستبعد الإمام هذا، وقال:"إنه يستحيل أن يجعل المشتري قابضًا لجميع المبيع بقطع يدي العبد"(٣).
وهذان الوجهان مفرعان على أن المشتري بجنايته قد جعل قابضًا البعض المبيع، واستقر عليه ضمانه بجزء من الثمن، كما يضمن الكل بالقيمة، وفي معياره الوجهان المذكوران.
والثالث: يضمنها بالأرش المقدر وهو نصف القيمة كالأجنبي، واستبعده الإمام (٤) بأن إتلاف المشتري قبض وليس بجناية.
(١) في المخطوطة: "أصحهما"، والصواب ما أثبتناه. (٢) التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٣/ ٤٥٥). (٣) نهاية المطلب (٥/ ٢٠٤). باختصار. (٤) المصدر السابق.