وقد تقدم أن ذلك يوجب التحالف قطعًا، وإنما يقوى الإشكال فيما إذا اختلفا في جنس رأس المال أو وصفه، كقوله: أسلمت إليك مائة دينار، فيقول: بل مائة درهم أو صحاحًا، فيقول: بل مكسرة، فها هنا الإبهام حاصل في الثمن والمثمن، فإذا لم يعط حكم المعين يلزم أَلَّا يثبت التحالف، فإن كان القائلون بمنع التحالف في مسألة العبد والجارية يمنعونه أيضًا هنا اندفع الإلزام عنهم، وإلَّا فالإشكال متوجه عليهم وعلى الإمام والغزالي أشد حيث صرَّحا بتخريج هذه المسألة على الأصل المذكور، وقد رأيت في "مختصر البويطي" في مثال السلف: "أنه إن ادعى أحدهما أن البيع إنما كان بشيء، وخالفه الآخر، مثل قوله: أسلفتني دينارًا أو ثوبا في كذا، وقال هذا: بل ديناران، القول قول البائع مع يمينه ويفسخ السلف؛ لأنهما يجتمعان (١) على أصل واحد"(٢)، فإن كان مقتضى هذا أنهما إذا اختلفا في عين رأس المال اتفاقهما على المسلم فيه، لم يتحالفا كان سببها باختلافهما في عين المبيع، ومضاء لما قاله أبو حامد.
نعم هذا الإشكال إنما يلزم الإمام والغزالي في تخريجهما التحالف هنا على الأصل المذكور، وحينئذٍ يلزمهما إثبات خلاف في السلم إذا اختلفا في جنس رأس المال أو وصفه، فليتأمل ذلك.
وقد تحصلنا على صور:
الأولى: الاتفاق على مبيع معين، والاختلاف في زيادة معه أو في ثمنه المعين، أو الذي في الذمة؛ قدرًا أو جنسًا أو وصفًا يوجب التحالف قطعًا.
الثانية: الاتفاق على ثمن معين، والاختلاف في زيادة معه، أو في المبيع جنسًا أو قدرًا يوجب التحالف قطعًا كالأول.
(١) في المخطوطة: "يجتمعا" والصواب ما أثبتناه. (٢) مختصر البويطي (ص: ٦٢١).