للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم فيه، كقوله: أسلمت في كُرِّ حنطة، فيقول: بل في كُرِّ شعير، فقد جزم صاحب "التتمة" بالتحالف، وهو ظاهر على طريقته.

وأما على طريقة الأصحاب فقد يقال: إن ما في الذمة إذا لم يثبت له حكم المعين، فينبغي عدم التحالف في السلم سواء أكان رأس المال الذي اتفقا عليه معينًا، فإنه يصير مثل اختلافهما في بيع العبد أو الجارية بألف في الذمة، أو كان رأس المال في الذمة، فإنه ينتفي التحالف بطريق أولى؛ لانتفاء المعين من الطرفين.

وهذا يثير لنا إشكالًا على الشيخ أبي حامد وموافقته في مسألتنا، فإنه يلزمهم أن يثبتوا التحالف في السلم.

وقد قدمت في أول الباب عن نص الشافعي: "أن المشتري إذا قال: أسلفتك مائة دينار في مائتي صاع حنطة، وقال البائع: أسلفتني مائة دينار في مائة صاع حنطة أنهما يتحالفان" (١).

والظاهر أنه لا فرق بين الاختلاف في القدر، والاختلاف في الجنس، فأما إذا لم يثبت لما في الذمة حكم المعين لم يلزم أن تكون المائة داخلة في المائتين، فعين هذا النص شاهد للقاضي أبي الطيب ومن وافقه، ولا نعرف خلافًا بين الأصحاب في إثبات التحالف في السلم.

والشيخ أبو حامد من جملة المصرحين بإثبات التحالف فيه، فلو كان ما في الذمة لا يثبت له حكم المعين ويخرجه ذلك عن التحالف، كيف كان يثبت التحالف في السلم إذا اختلفا في رأس المال فيه، إلا أن يحمل نص الشافعي على أن المائة دينار التي هي رأس المال كانت معينة، وهو بعيد، أو يقال: إن رأس المال لا من قبضه في المجلس، وبذلك يصير كالمعين في العقد، وذلك بمثابة الاتفاق على ثمن معين والاختلاف في عين البيع.


(١) الأم (٣/ ١٣٨). بتصريف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>