للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يتجه عندي في المأخوذ بالسوم أنه لا يضمن بالأكثر؛ لصحة الإذن في قبضه في نفس الأمر بالتسوية بينه وبين البيع الفاسد الذي يجب رده في كل لحظه بعيد، ومسألة التحالف التي نحن فيها مترددة تشبه البيع الفاسد من جهة تقدير انفساخ العقد، وارتفاع أثره يشبه السوم من جهة أنه مقبوض بحق، وكان مأذونًا له في إمساكه قطعًا ظاهرًا أو باطنًا، فإن فرعنا على انفساخ العقد من أصله، فالوجه وجوب أقصى القيم.

وعلى المذهب الصحيح ارتفاعه من حينه، فإلحاقه بالسوم والعارية أشبه من إلحاقه بالبيع الفاسد، بل هو أولى من السوم، والعارية باعتبار حالة التلف؛ لتحقق الملك فيه وعدم ارتفاعه إلا من حينه، وذلك الوقت الذي تعلق حق البائع بها، فإذا فاتت رجع إلى قيمتها ذلك الوقت.

وقول صاحب الوجه الثالث: أن الزيادة بعد القبض في ملكه مسلم، ولكن هو لو كان باقيًا وجب رده ولا تصر تلك الزيادة أو النقصان، فكما لا ينظر إليهما عند وجوده، فكذلك عند تلفه، فقد تبين أن الأصح وجوب قيمة يوم التلف، كما صححه الغزالي (١)، والرافعي (٢) والأَرْغِيَاني (٣) في "فتاوى النهاية"، ومن القائلين بهذا الوجه من يقيسه على العارية.

وأما الوجه الرابع، فيظهر ضعفه مما سنذكره.

واعلم أنه تقدم في باب بيع المصراة، والرد بالعيب أن في القيمة المعتبرة لمعرفة الأرش وفيما إذا تلف أحد العبدين ووجد عيبًا بالباقي، وجوزنا


(١) الوسيط في المذهب (٣/ ٢١٦).
(٢) فتح العزيز (١١/ ٢١٨).
(٣) هو محمد بن عبد الله بن أحمد الأرغياني، أبو نصر، من أهل أرغيان (من نواحي نيسابور) انتقل إلى نيسابور وتوفي بها: (٥٢٨ هـ = ١١٣٤ م). تفقه على إمام الحرمين. وصنف "الفتاوى" في مجلدين ضخمين ويقال لها: "فتاوى الأرغياني". انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٦/ ١٠٨)، طبقات الشافعيين (ص: ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>