للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البغوي أولًا، فذكر ترتيبه ووافقه في أنه إن لم يمكن تجفيفها، فهو كرهن ما يتسارع إليه الفساد على وجه الأرض (١)، وهو صحيح غير أنه يوهم أن الكلام في شرط القطع لا يأتي فيه، وليس كذلك، بل شرط القطع لا فرق فيه بين ما يتسارع فساده أو لا، فإذا كان يتسارع فساده ينضم أحد الفسادين إلى الآخر، وكذلك ذكر المصنف وغيره كلًّا من المسألتين مفردة بإطلاقها.

ولم يخصوا الكلام فيما يمكن تجفيفه، كما اقتضاه كلام البغوي والرافعي، ولعلهما أرادا بذلك ألا ينتشر الكلام ويجتمع في مأخذ واحد وهو حسن. ثم علل الرافعي الجواز فيما إذا كان الدَّين حالًّا بالعلة التي قالها البغوي، والعلة التي اختارها الإمام ثم ذكر فيما يحل بعد الإدراك أو معه أنه كالحال، وهذا أخذه من البغوي، وقد عرفت أنه على قاعدته لا على قاعدة الإمام، فكان ينبغي للرافعي أن يبنيه على العلتين. ثم ذكر فيما يحل قبل أوان الإدراك إذا رهنها مطلقًا القولين اللذين ذكرهما البغوي، ووافقه في تصحيح الفساد بعلته وشبهه بما إذا رهن شيئًا على ألا يبيعه عند المحل، فأشعر بأن المقتضى للفساد تأخر البيع عن المحل، وهو إنما يصح على قاعدة البغوي، وأما على قاعدة الإمام، فالمقتضى للفساد ذلك، وتأخر القطع عن الرهن إلى المحل كالبيع، بل ظاهر كلام الإمام أنه لم ينظر إلى هذا، والتعليل بالعادة، وأنها تقتضي الإبقاء قد نازعنا البغوي فيها، فإن استحقاق البيع بالحلول مقدم عليها، فمتى صح الفرق بين البيع والرهن، كما قال البغوي لزم أن يكون الأصح في هذه الصورة الصحة، والإمام إنما يقول في هذه الصورة بالفساد لترك شرط القطع، لا للعلة المذكورة، ثم ذكر الرافعي فيما إذا شرط القطع عند المحل "أن منهم من طرد القولين" (٢)، فإن


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٤٥، ٤٤٦).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>