فما زاد على قدْرِ كفايتهِ، وكفايةِ عيالِهِ مباحٌ، إذا لم يُرِدِ الفخرَ والرِّياءَ.
واتَّفَقَ أهل السنَّةِ والجماعةِ على (١) أَنَّ كسبَ (٢) الحلالِ المشروعِ سُنّةُ الأنبياءِ والصالحينَ ﵈؛ فإنَّهُ (٣) لا يُبْطِلُ التوكَّلَ إذا رَأَى الرِّزْقَ مِنَ اللهِ تعالى، ولا يَعتمدُ على كسبِهِ.
وقالَ المشايخُ: كمالُ التوحيدِ تلاشي الأسبابِ في عينِ الأسبابِ.
وقالَ النبيُّ ﵇ لواحدٍ مِنَ الأعرابِ:"اعْقِلْها وتوكَّلْ على اللهِ"(٤)، كذا ذُكَرَ في "أصولِ الركنيّةِ".
وسُئِلَ الإمامُ أبو بكرٍ عَنِ الذي يأخذُ ويُعطي هو أفضلُ، أمِ الذي (٥) يأخذُ ولا يُعطِي؟ قالَ: إن كانَ لا يَدخُلُه عُجبٌ فيما يُعطِي: الأخذُ والإعطاءُ أفضلُ.
وقال الإمامُ عصامُ بنُ يوسفَ (٦): التركُ أفضلُ.
وذُكِرَ في "تحفةِ الملوكِ": أنَّ من اشتدَّ جوعُه وعَجِزَ عَن كَسْبِ قوتِهِ: يجبُ
(١) قوله: (على) سقط من (ص). (٢) في (س): (الكسب). (٣) في الأصل: (فإنَّهم). (٤) الترمذي "السنن" رقم: (٢٥١٧)، وقال: (وَهَذَا حَدِيثُ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْه). (٥) زيد في (س) و (ص): (لا). (٦) الإمام الفقيه أبو عصمة عصام بن يوسف بن ميمون بن قدامة البلخي الحنفي، المتوفى سنة عشر ومئتين). روى عن ابن المبارك والشافعي "الوصول إلى طبقات الفحول" (٢/ ٣٣٨).