محمد بن إبراهيم إشارة للانقطاع بينه وبين عائشة - رضي الله عنها - (١) .
وبذا يجتث الإشكال من جذره.
الوجه الثالث: أنه على تقدير صحة رفع الحديث، واتصال الرواية عن عائشة=يخرَّجُ اعتراضِ عائشة -رضي الله عنها- على ما استقرَّ عندها من الدلائل الشرعية الدَّالة على انتفاء النجاسة عن المؤمن، والأَصلُ في ذلك ما وقع لأَبي هريرة نفسِهِ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة انخناسه منه لكونه جُنُبا، فقال - عليه السلام -: (إنّ المسلم لا ينجُسُ)(٢) لذا أَرادت - رضي الله عنها - أَن تُعضّد المستقرّ عندها بـ"النظر العقلي "، وهو أنّ الأمر بالاغتسال من غسل الميت، والوضوء من حَمله =أَمرٌ يُخالفُ المعروف من هديه - صلى الله عليه وسلم - والعقل أَيضًا لا يدلُّ عليه؛ لأنَّه إذا كان غير واجب على الإنسان الوضوء من مسّ جيفة، أو دم، أو خنزير ميت بالإجماع=فلأن يكون غير واجبٍ من مس الميت المسلم أو حمله أحرى (٣) .
فاعتراضها - رضي الله عنها - توظيف عقلي لدلالة النص الدَّال على البراءة من إيجاب الوضوء. ثم يبقى النّظرُ في صحة اجتهادها من عَدَمه في ردِّ الحديث؛ إذ قد يقال جوابًا لما قد استشكلته -لو قُدِّر صحة رفع الحديث-= ليس الغسل من غسل الميت تنجيسا من الميت، بل هو طاهر إن كان مؤمنا لكنه شريعة كالغسل من الإيلاج وإن كان كلا الفرجين طاهرا وكالغسل من الاحتلام (٤) .
(١) انظر: "المهذب في اختصار السُّنن"للحافظ الذَّهبي (١/ ٣٠٤) (٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب "الوضوء" باب "عرق الجُنُب، وأن المسلم لا ينجُس" (١/ ١٠٩ - رقم [٢٨٣]) ومسلم في كتاب "الحيض"، باب"الدليل على أن المسلم لاينجس " (١/ ٢٨٢ - رقم [٣٧١]) (٣) انظر: "الأوسط"لابن المنذر (٥/ ٣٥١) (٤) انظر: "المحلى"لابن حزم (١١/ ٣٦٣)