فبلغ ذلك عائشة -رضي الله عنها- فقالت:(سبحان الله! أَمواتُ المسلمين أَنجاسٌ؟ وهل هو إلَاّ رجلٌ أَخذ عودًا فحمله؟!)(١)
وهذا المثال لا حجة فيه؛ من وجوه:
الأوَّل: أنَّ الحديثَ موقوفٌ على أبي هريرة لا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون القول بالاغتسال من غسل الميت والتوضئ من حمله= اجتهادًا ذهب إليه - رضي الله عنه -، فإن بدا اعتراض عليه فالاعتراض موجَّهٌ لاجتهاد أبي هريرة - رضي الله عنه - لا لقول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -،فالمثال حينئذٍ خارج عن محل النزاع.
الوجه الثَّاني: أن قول عائشة - رضي الله عنها - لا يصح إسنادًا إليها للانقطاع بينها وبين محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المديني (٢) الذي روى هذا القول عنها كما صرح بذلك الإمام الدَّراقطني فقال: (محمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة)(٣) وضبَّب الإمام الذهبي في هذه الرِّواية فوق
(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" كتاب "الطهارة" باب " الغسل من غسل الميت" (١/ ٣٠٧) (٢) قال عنه الإمام أحمد: (محمد بن إبراهيم التيمي مديني في حديثه شيءٌ يروي أحاديث مناكير أو منكرة والله أعلم) قال ابن عدي معقبا: (إن كان ابن حنبل أراد محمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي مديني يحدث عن أبي سلمه =فهو عندي لابأس به، ولا أعلم له شيئاً منكراً إذا حدَّث عنه ثقةٌ)، وقال الحافظ ابن حجر: (ثقة له أفراد) =انظر: "الكامل في ضعفاء الرجال" (٦/ ١٣١)،و"الضعفاء"للعقيلي (٥/ ١٨٤)،و"تهذيب الكمال" للمزي (٦/ ١٩٦)،و"تقريب التهذيب" لابن حجر (٨١٩) (٣) "العلل"للدَّارقطني (١٤/ ٤١٤)