المطلب الثالث: دفع دعوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعموم البعثة:
والجواب عن هذا الاعتراض بأن يُقال: إنَّ الإجماع قد انعقد على عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم -. وقد نقل الإجماعَ في ذلك غيرُ واحدٍ؛ منهم الإمام ابن القطان؛ حيث قال:(واتفقوا على أن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي المبعوث بمكة، المهاجر إلى المدينة = رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الجن والإنس إلى يوم القيامة)(١)
هذا الإجماعُ المقرر مُستفادٌ من جُمْلة دلائل؛ ومنها:
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ من هذه الْأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرَانِيٌّ؛ ثُمَّ يَمُوتُ ولم يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ = إلاّ كان من أَصْحَابِ النَّارِ)(٢)
ومقصودُه - صلى الله عليه وسلم - بـ " الأمّة " هنا: أمّة الدعوة، لا الإجابة.
(١) "الإقناع"لابن القطَّان (١/ ٤٤). (٢) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (١/ ١٣٤ - رقم [١٥٣])