وتخصيصه - صلى الله عليه وسلم - أهل الكتاب بالذكر:(تنبيهًا على أنهم مع كونهم أهل كتاب، وأشرف من غيرهم؛ إذا كانوا كذلك = فغيرهم ممن لا كتاب له أَوْلى بذلك)(١)
وبالجُمْلة: فاختصاصه - صلى الله عليه وسلم - من دون سائر الرّسل عليهم السلام، بعموم الرسالة، وشمول بعثته = أمرٌ معلومٌ من الدين بالضرورة (٢) .
وهذا السّائل لا يخلو حالُه؛ إمّا أن يكون مسلمًا، أو يكون كافرًا.
فإن كان الأول: فمعلومٌ أنّ من مقتضيات الشهادة بأنّ " محمّدًا رسول الله " تصديقه فيما أخبر به، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم -؛ باختصاص الرُّسل من قبله بأقوامهم، وعَدَم مجاوَزتِهم لغيرهم؛ بخلاف رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فبمقتضى هذا التصديق يلزمه الإقرار بذلك، والاطمئنان لخبره - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مُخبِرٌ عن الله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} النجم.
فإنْ لم يقرَّ مع بلوغ هذا الخبر إليه، واستيقانه بكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - نطق به = فلا شكّ أنّ مثل هذا النّكول والدّفع كفرٌ مخرِجٌ عن الملّة؛ كما حكى الإجماع على ذلك غيرُ واحدٍ (٣) .
وإن كان الطاعن كافرًا: فمثله يتّجه الحديث معه إلى تقرير دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ التمادي في تقرير الفرع؛ وهو اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بعموم البعثة؛ مع عدم ثبوت أصل نبوته - صلى الله عليه وسلم - عند السائل لا ريب أنّه عَبَثٌ لا طائل من ورائه.
أمَا وقد نُقِلَ هذا الاعتراض، المحتّم: الجواب عنهُ؛ بيانًا للحقِّ، وكشفًا لعظِيم فهم الأئمة - رحمهم الله - في الجواب عن مثل هذه الأُغلوطات.
(١) "مبارق الأزهار" لابن الملك (٢/ ٥٦٥) (٢) انظر: "تفسير القرآن العظيم" (٤/ ١٤٩٥) (٣) انظر: "الاتباع" لابن أبي العز (٢٩)، و "الإعلام بقواطع الإسلام" للهيتمي (٢٧١)